لاتوجد موضوعية مطلقة , وكأن الموضوعية تتنافى مع الحرية المطلقة التي هي فطرة بشرية.. إن الفطرة تقضي أن يحقق الإنسان مصلحة على حساب أي مصلحة أخرى, فجاء الإسلام ليهذب هذه الفطرة ويحقق فيها التوازن, ولذا قال القرآن «قتل الإنسان ما اكفره» «إن الإنسان إذا مسه الشر جزوعاً وإذا مسه الخير منوعاً» «إن الإنسان لحب الخير لشديد».. إلى عشرات الآيات القرآنية التي تدل على حرص الإنسان انطلاقاً من حرية يريدها خالصة مطلقة. إن الخلط قائم بين الموضوعية والذاتية.. فكل قيمة من القيم لاتخلو من جانب ذاتي أو موضوعي، ولايستطيع المرء أن يكون ذاتياً خالصاً أو موضوعياً خالصاً, ولكن الديانات السماوية والشرائع الوضعية والأعراف والتقاليد السليمة السوية تقضي أن نميل إلى الموضوعية، وأن نقترب منها أو إليها أو هي تقترب منا, خاصة عندما يتعلق المرء بإصدار حكم في أي قضية من القضايا ,وفي مجال القضاء بالذات, مع أن هناك فكرة مؤداها أن القاضي لايخلو من الذاتية أو العاطفة , فحين يصدر حكمه فإن في هذا الحكم - مهما كانت موضوعيته - جانباً عاطفياً. أقول هذا الكلام ونحن نعاني من هذا العبث والفوضى التي طالت حياتنا, ذلك أن كل فريق يحتكر الحقيقة لنفسه، ويزعم أنه وحده - وليس آخر - بيده مفاتح كل الأمور وقادر على الجمع والتفريق كما يقول المشعبذون , وبناءً على هذا فإن الموضوعية كادت تغيب، إن لم تكن قد غابت تماماً عند الأحزاب, بل أذهب إلى أبعد من ذلك فأقرر أن كل حزب أصبح يقترف كمية لابأس بها لا أقول من الكذب ولكن من المغالطة والتضليل, بل أصبح كل حزب يبتعد عن الموضوعية قدر الإمكان ,وهذا أمر مردود وغير مقبول على صعيد الإسلام وعلى صعيد الكفر معاً!! إن المسلم الحق والإنسان الصدق ينبغي أن يكون عادلاً حين يحكم ,حتى إذا سئل عن انطباعه حول قضية من القضايا، والله عز وجل يقول «ولايجرمنكم شنآن قوم أن تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى» والله المستعان,.