الإحساس بالمسئولية والاتجاه نحو البناء في أي مجتمع يرتبط أساساً متى ما أحسن الجميع الاحتكام نحو العقل وهذا لن يكون إلا متى ما كان الفعل الجماعي يسيطر على الجميع بمعنى أن يدرك الآخر أهمية الجميع في صنع التحولات. هذا المنطق يستقيم عوده ويتشكل عندما يدرك الأفراد الإحساس المطلق بالمسئولية في كل شيء بدءاً من الذات وانتهاءً بالهم العام، ويعزو بعض المفكرين هذه الصلة الاجتماعية إلى مشكلة قائمة في بعض المجتمعات النامية إلى قلة الفهم الواعي والانقطاع الجذري وفقدان الصلة بالواقع، عبر تراكمات عديدة تأتي في مقدمتها الغياب الطويل لمعرفة كينونة الواقع. عبر هذه السلسلة من المشكلات تأتي مسألة تفشي الأمية في المجتمعات النامية لتؤصل حياة طويلة من البحث عن الأسباب، التي أدت إلى وصول أعداد هائلة من الناس كانت ستكون معادلة راجحة لتطور المجتمع وتقدمه، ولكنها أفرزت لتصبح أرقاماً صفرية في مجتمع هو بحاجة إليهم وإلى طاقاتهم الفاعلة. ومن هذه المشكلة القائمة في بلادنا والتي أصبحت تفعل فعلها السلبي من خلال إهمال الأعداد الكبيرة من الناس الذين أصبحوا يشكلون فئة في المعادلة الاجتماعية تجر نفسها على باقي الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية حتى أصبحت الأمية الأبجدية مقدمة لتأخر المجتمع في العديد من الميادين، في الوقت الذي نرى ونسمع أن هذه الأرقام المهولة للأميين تتراكم في مربعات مخيفة وصعبة للغاية تجر نفسها بصمت في مساحة هي في الأصل نتيجة متوقعة للإهمال. لا يمكن الصمت على هذه المشكلة والداء الذي يستفحل أمامنا دون أن نكون نحن الأولى بالإحساس لهذه المشكلة قبل هذه الأعداد المتزايدة، وإلا ماذا يعني تشكل أرقام مليونية للأميين في زمن قد تجاوز الأمية الأبجدية ودخل مصطلح تحاربه الدول وبعلانية وهو مصطلح الأمية الإلكترونية، أي أن أناس العالم المحيط حولنا قد تجاوزوا مصطلحات ومشكلات نحن لم نتجاوزها بحدها الأدنى. الزمن الذي نعيشه ليس بالمستطاع مجاراته إذا ظللنا نحاور أنفسنا في تعريف الأمية التي نجني ثمارها الآن وتفعل فعلها رغماً عن أنوفنا، لأن إهمال هذه المشكلة هو الذي يؤخر العقل الذي يفترض أن يكون قد تجاوز هذه المفردة القاتلة.