« الحكمة اليمانية » .. شهادةٌ لطالما ظللنا نتباهى ونفخر بها على مدى قرون خلت وجعلنا منها وساماً على صدورنا ، لأن من نطق بها هو أشرف خلق الله أجمعين محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ، إلاّ أن من ينظر إلى المشهد السياسي الراهن في بلدنا وما يعتمل فيه من إرهاصاتٍ وتجاذباتٍ وتقّلباتٍ في المفاهيم وتداخل في الرؤى وخلط للأوراق ، وتصارع المصالح وتقاطعاتها ، لا يمتلك إلاّ أن يُصاب بالحسرة والكمد على ما آلت إليه الأوضاع ، وكيف انحدرت الأمور بهذه الصورة المخيفة ؟ لذلك فلا غرابة أن نحتار ونحيّرَ الآخرين في أمرنا ونحن نخوض وسط الأمواج المتلاطمة دون أن نعرف المرسى الذي سنصل إليه ، ونسقط حساباتنا الشخصية ومصالحنا الضيقة على الوطن برمته .. ثلاثة أشهر من التنافر والتصعيد والتعطيل لمعظم مؤسسات الوطن وتبادل الاتهامات والتشهير بالرموز الوطنية من قبل المتهورين في الطرفين ، دون النظر إلى العواقب الوخيمة والتداعيات الخطيرة لتلك الأعمال التي يستنكرها الجميع ودورها في إيغار الصدور ورفع وتيرة الاحتقان ، فهل كل ذلك من الحكمة اليمانية ؟ أم أنها أساليب دخيلة على المجتمع ولا تمت لقيمه وعاداته بصلة ؟ أيها السياسيون : لا أخفيكم أن الحيرة فيما جرى ويجري قد أضحت العنوان الأبرز لهذه المرحلة القاتمة من تاريخنا ، فلماذا الإصرار والتخندق خلف المواقف بهذا الشكل غير المسبوق ؟ وكأنَّ الخيارات السياسية قد انعدمت وغابت من قواميسكم .. نعم حيرتمونا .. عندما أوصدتم أبواب الحلول بوجه كل المبادرات ، حتى التي تقدمتم بها انتم رفضتموها وجعلتم من العناد والمكابرة خياراً لا رجعة عنة وانتم من ظل يرددُ قوله تعالى ( وان جنحوا للسلم فاجنح لها ) والقاعدة الفقهية ( درءُ المفاسد مقدمٌ على جلب المصالح ) حيرتمونا وجعلتمونا نخشى على حكمتنا.. عندما ظللتم سنين ترددون حديث المصطفى صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم (السلطانُ ظِلُّ الله في أرضه ، من أكرمهُ أكرمهُ الله ومن أهانهُ أهانهُ الله ) واليوم هاهو وليُّ أمرنا جميعاً يتعرض للشتم والسب والإهانة والتجريح بأقذع الألفاظ وأردأ العبارات ويُصورُ بأسوأ الصور دون أن تحركوا ساكناً أو تردعوا طائشاً بل إن ذلك يحدث بمباركة الكثير منكم فما الذي حدث حتى تتحولون بهذه الصورة ؟ حيرتمونا .. عندما تتحدثون عن انعدام الحرية وانتم تشتمون وتسبون وتصدحون فلم نعد نعرف عن إي حرية تبحثون وهل هناك صنفٌ آخر من أصناف الحرية التي يعرفها الآخرون ولم تعرفوها انتم ؟ أفيدونا أثابكم الله. حيرتمونا : فبمجرد أن نذكر أسماءكم ذِكراً ونستشهدَ بخطاباتكم أو مقولاتٍ مشهورةٍ لكم تُقيمون الدنيا ولا تقعدونها وتتهمونا بالتطاول على العلماء والهامات الوطنية ، لكن أن تقولوا في الآخرين ما يحلو لكم وخارج إطار الأعراف السياسية فذلك أمرٌ مباحٌ حتى وإن تجاوز كل الحدود. أيُّها السياسيون : قبل أن نقول وا أسفاه على حكمتنا ، نسأل الله الكريم أن نكون نحن وإيّاكم لعلى هدىً وليس في ضلالٍ مُبين.. أيُّها السياسيون : نناشدكم الله أن تتذكروا أن « الحكمة يمانية » فلا تضيعونها لمجرد حالات من النزق خيمّت على عقولكم ، فالوطن لم يعدْ يحتملُ المزيدَ من الإرباك والتصعيد والقلاقل، نناشدكم أن تعيدوا للحكمة ألقها كي تظل يمانية إلى حين يرثُ الله الأرض ومن عليها ، قبل أن يبلغ السيل الزبى ، ويصبح شعارنا جميعاً في المرحلة القادمة : ربِّّ يومٍ بكيتُ منه فلمّا صرتُ في غيرهِ بكيتُ عليهِ [email protected]