مشاهد وصور مرعبة تشيب من هولها الرؤوس تلك التي عرضتها قناة اليمن الفضائية وقناة سبأ لأبطال القوات المسلحة والأمن الذين سقطوا شهداء على أيدي قوى الغدر والتمرد والإجرام في عدد من محافظات الجمهورية وهم يؤدون واجبهم الوطني للذود عن حمى الوطن ووحدته وأمنه واستقراره، جرائم وحشية تغضب الله ورسوله وخلقه من أجل غاية دنيوية ومصلحة سياسية وهي الانقلاب على الشرعية الدستورية والوصول إلى السلطة بالقوة، الأربعاء الماضي صعقت جداً وأنا أشاهد أحد الشعراء الشباب وهو في مستشفى الثورة وقد تعرض لجريمة لم يفكر حتى الصهاينة في اللجوء إليها ضد المعتقلين من أبناء شعبنا الفلسطيني المقاوم الذين تعج بهم السجون الصهيونية وفيهم الأكاديميون والمفكرون والدعاة والعلماء والأدباء والشعراء والسياسييون ممن كانت لهم صولات وجولات في ميادين المقاومة والبطولة والتضحية والفداء، فأي وحشية هذه وأي أنفس شريرة يمتلك هؤلاء الدخلاء على أبناء يمن الإيمان والحكمة حتى يقدموا على قطع لسان شاعر سلاحه الكلمة والرأي الحر لا لشيء وإنما لأنه عبر عن مشاعره تجاه وطنه وقال ماهو مقتنع به إنطلاقاً من حرية الرأي والتعبير المكفولة في البلاد وهي ذاتها التي أعطت كل القوى السياسية ممارسة أنشطتها ومهامها المشروعة وغير المشروعة، ووالله إنه لمشهد رهيب وإذا أشاهد الشاب الأديب وليد الرميشي وهو يصارع الألم بعد أن تم قطع لسانه والاعتداء بالضرب عليه قبل أن يتم رميه في أحد شوارع العاصمة صنعاء، فما حصل جريمة منكرة لم نسمع لها مثيلاً في يمن الوحدة والديمقراطية فلا يُعقل أن هؤلاء من الآدميين، إنهم بالتأكيد قوى إجرامية تابعة لطالبان اليمن ممن يسعون إلى تكرار نموذج حركة طالبان الأفغانية التي ما إن وصلت إلى سدة الحكم حتى أقدمت على إرتكاب ممارسات إجرامية ومتطرفة وشرعنت لنفسها إصدار الأحكام الجائرة والفتاوى التكفيرية المتشددة، ويبدو أننا اليوم أمام تكرار لتجربة طالبان هنا في يمن الحكمة والإيمان حيث كشف هؤلاء عن المستقبل الذي ينتظر أبناء اليمن في حال وصولهم إلى السلطة وماذا ينتظر من يُفكر في معارضتهم عندما يستولون على السلطة، لم يكتفوا بقطع الطرقات وتعطيل مصالح المواطنين وتعطيل الدراسة في المدارس والجامعات وشل الحياة العامة وتعكير صفو الأمن والاستقرار داخل الوطن والاعتداء على أبناء القوات المسلحة والأمن والمنشآت الحكومية والخاصة وخلق الأزمات وإدخال الشعب في سلسلة من المعاناة مستغلين حرص القيادة السياسية على حقن الدماء وعدم جر البلاد إلى مواجهات مسلحة وحروب أهلية من خلال الدعوات المستمرة لهم للعودة إلى جادة الحق والصواب والعودة إلى الحوار الوطني الجاد والمسئول الذي يقود إلى حلول مرضية لكل الأطراف ولمافيه مصلحة الوطن، ولم يكتف هؤلاء بالاعتداء على كبار السن واستعراض عضلاتهم عليهم، ولا بالاعتداء على الناشطين والناشطات في ساحات الاعتصام احتجاجاً على ممارسات تسلطية متطرفة ومتشددة تمارس ضدهم من قبل طالبان اليمن ممن ركبوا موجة التغيير والتحقوا بما يسمى بثورة الشباب تحت مبرر توفير الدعم المادي والحماية الأمنية لشباب الثورة وإذا بهم يسرقون من الشباب ثورتهم ويصبحون بين عشية وضحايا هم الثوار وهم الأبطال وأعداء الفساد ودعاة الإصلاح والتعمير والبناء، ولم يكتفوا أيضاً بإجبار المواطنين على إغلاق محلاتهم بالقوة من أجل تنفيذ مايسمى بالعصيان المدني، ولا بالممارسات الاستفزازية التي تهدف إلى إشعال الحرب في البلاد، بل ذهبوا إلى حد أبعد وأخطر بكثير جداً، حيث أوجدوا في أنفسهم قناعة بأنهم أصفياء الله على أرضه وأنهم الحق المطلق والعدالة التي لاتشكيك فيها، وطوق النجاة لليمن واليمنيين للخروج من الأزمات التي يشهدها الوطن، فراحوا عبر وسائل الإعلام التابعة لهم والممولة من أموال الشعب التي استولوا عليها خلال تواجدهم في المراكز القيادية في السلطة يروجون لمشروعهم الانقلابي على أنه ثورة شعبية تهدف إلى خدمة أبناء الشعب وتغيير حياتهم نحو الأفضل وأعلنوا أن غالبية الشعب تقف إلى صفهم وتؤيد مطالبهم وحاولوا إقناع العالم بذلك ولكنهم فشلوا بمشيئة الله وكشفت المهرجانات والمسيرات المليونية المؤيدة للشرعية الدستورية والإنتقال السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع أو عبر التوافق الوطني الذي لاينتصر لطرف على حساب الطرف الآخر كشفت هذه المهرجانات زيف الأغلبية التي يتشدقون بها وأوصلت إليهم رسالة قوية مفادها أن الأزمة للسياسة الراهنة لن تحل عبر الاعتصامات وأعمال الفوضى والتخريب وافتعال الأزمات وترهيب المواطنين والاعتداء عليهم والتحريض عبر وسائل الإعلام على الفتنة وإدخال البلاد في دوامة من الصراعات والاقتتالات الدموية، وهي ممارسات أقرب ماتكون إلى “البلطجة” التي يصفونها زوراً وبهتاناً للمخالفين لهم رغم أن الوقائع الميدانية تشير إلى أن “البلطجة” إليهم أقرب من غيرهم، وأخشى أن يستمر هؤلاء في غيهم وغطرستهم وممارساتهم والاستفزازية التي تستوجب مواجهتها والرد عليها فيقودون اليمن إلى إزهاق الأرواح وسفك الدماء وتدمير المنجزات التنموية التي تحققت وتعطيل مسيرة البناء والتنمية من خلال سلوكياتهم المتطرفة والتي وصلت إلى حد إعداد قوائم بالقيادات والعناصر الوطنية العاملة في المؤسسات الإعلامية الرسمية والتي يتهمونها بمساندة النظام والوقوف ضد مشروعهم الانقلابي وتوعدهم بمحاكمتهم جميعاً وإنزال أشد العقوبات في حقهم، وقيامهم بالتحريض العلني عليهم عبر الإذاعات الموجودة في ساحات الاعتصام والصحف والمطبوعات الموالية لهم وإظهارهم كمجرمي حرب لأنهم وقفوا إلى جانب الشرعية الدستورية وكشفوا حجم المؤامرة التي تحاك ضد الوطن وأمنه واستقراره، وهو تحريض سافر يتحمل هؤلاء الطالبيون الجدد المسئولية الكاملة عن أي اعتداءات قد تطال رجال الإعلام والصحافة في الوسائل الإعلامية والصحفية الرسمية، فالتعبئة التحريضية لها تبعات وانعكاسات خطيرة جداً وهؤلاء أوقعوا أنفسهم في مأزق لأنهم أظهروا نزعتهم العدائية وتطرفهم غير المنطقي وتزمتهم الممقوت، ومصادرتهم لحرية الرأي والتعبير في وقت لايزالون فيه خارج السلطة فكيف إذا وصلوا إليها وحكموا الشعب؟! بالتأكيد أننا سنكون على موعد مع ميلاد حركة جديدة هي طالبان اليمن والتي ستعيد اليمن عشرات السنين إلى الوراء، وبإمكان كافة أبناء الشعب أن يلحظوا الفرق بين السلطة الحاكمة وهذه القوى الطالبانية فيما يتعلق بالتعامل مع القضايا، فالسلطة الحاكمة التي يقودها فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وعلى مدى 33 عاماً لم نسمع أنها قطعت لسان سياسي أو أكاديمي أو شاعر معارض لها وما أكثرهم، وحتى في أحلك الظروف وعند مدلهمات الأحداث يظهر الحلم الرئاسي ويتم تجاوز الإساءات التي تطال السلطة الحاكمة من قبل القوى المعارضة حتى تلك التي تتجاوز الخطوط الحمراء وتخالف الأنظمة والقوانين وتتنافى مع القيم والأخلاق الإسلامية ودائماً ما يكون العفو والتسامح هو رد السلطة على هذه الإساءات ويشهد بذلك قادة المعارضة أنفسهم، ولكن الأمر يختلف مع القوى الطالبانية وممارساتها التي قامت بها خير شاهد على دمويتها وتطرفها وتشددها فالحذر كل الحذر من إفساح المجال أمام هذه القوى للانقلاب على السلطة الحاكمة والشرعية الدستورية لأنهم سيدمرون كل شيء وسيكون الشباب المعتصمون في الساحات هم الضحية الأولى لهذه القوى وسيتجرعون الويلات وذلك لأن أهدافهم وأجندتهم تتعارض مع أهداف وأجندة هذه القوى الطالبانية وما حصل من اعتداءات ومضايقات الناشطين والناشطات بساحة الاعتصام بجامعة صنعاء على أيدي العناصر والمليشيات الطالبانية خير دليل مادي على مصداقية ماذهبنا إليه، فالحذر الحذر ياشباب اليمن من السير خلف المخططات التآمرية التي تستهدف الإضرار بالبلاد والعباد وجر البلاد إلى المجهول تحت شماعة إسقاط النظام ورحيل الرئيس عن السلطة، اليمن ليست سلعة حتى نبيع ونشتري فيها، من أجل مطالب ومصالح نفعية رخيصة، أيها الشباب لاتكونوا أداة للقوى الطلبانية لتمرير أجندتهم ومطالبهم، أنتم كل الحاضر وأمل المستقبل مارسوا حقكم الدستوري في التعبير عن آرائكم ومطالبكم بطريقة سلمية، أرفضوا الخروج على النهج السلمي ولا تنساقوا خلف عشاق الحروب والدماء والخراب والدمار وصنّاع الأزمات ودعاة الفتن، انتصروا لوطنكم وحافظوا على مكتسباته العظيمة داخل حدقات أعينكم، الوطن أمانة في أعناقكم فلا تفرطوا في هذه الأمانة. حفظ الله اليمن وجنبها من الشرور والفتن وأدام علينا نعمة الأمن والاستقرار وكتب الله للجميع السلامة وتجاوز هذه الأزمة بسلام. والله من وراء القصد. [email protected]