تعددت الأطروحات حول المبادرة الخليجية التي تقدم بها إخواننا الأشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي للخروج بالأزمة اليمنية الحالية إلى بر الأمان ، وتعددت التحليلات لها من هناهناك وكل يفسرها على هواه، وكل ينظر إليها ويتعامل معها من زاوية ضيقة خاصة به وهذا مالمسناه جلياً في مواقف بعض الأطراف (محلية وخارجية) التي تنم عن رغبتها الجارفة في أن تصل هذه المبادرة إلى طريق مسدود وبالتالي تتحقق رغباتهم في تصعيد الأزمة وتأجيج الوضع للدرجة التي ينفجر فيها الوضع وهذا هو هدفهم المنشود الذي بذلوا ومازالوا يبذلون من أجله الدعم المالي السخي والتغطيات الإعلامية المشبوبة بنيران الفتنة بل إن جهات خارجية سمحت لنفسها بالتدخل السافر في الشئون اليمنية دون أدنى شعور بالخجل والحياء ودون أدنى احترام للمواثيق والمبادىء والأخلاق الجارية والمعمول بها عربياً ودولياً وعلى وجه الخصوص منها (احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شئونها الداخلية).. أقول: لقد تعدد الخوض والجدل في شرح تفاصيل المبادرة وبلغت الاجتهادات المشبوهة في بيان أبعاد هذه المبادرة درجة تبعث على التقزز وبعيداً عن كل مايحدث وقريباً جداً من المشاعر النبيلة والصادقة لدى إخواننا في الخليج عامة والمملكة العربية السعودية خاصة تجاه أزمة اليمن والتي عبر الأشقاء من خلال هذه المبادرة عن مدى حرصهم ورغبتهم الجادة في الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة اليمن ونظامه الجمهوري والدستوري وعلى احترام إرادة شعبه في تقرير مصيره عن طريق الخيار الديمقراطي السليم لإرساء مبدأ التداول السلمي للسلطة بعيداً عن العنف والفوضى والانقلابات والتخريب وسفك دماء الأبرياء، وبما يحفظ ماء وجه الإيمان اليماني والحكمة اليمانية في هذه البقعة الطيبة من منطقتنا العربية.. أقول:بعيداً عن ذلك وقريباً من هذا: هناك شريحة كبيرة من أبناء الوطن “البسطاء” من ليس لهم شيء في السياسة ولايعنيهم أمرها لا من قريب أو من بعيد استطاعت ببساطة وتواضع وعيها بما يدور حولها من تفاصيل متعددة للأزمة الحالية أن تضع تفسيراً خاصاً بها للمبادرة الخليجية وبصورة موجزة حمل في طياته المدلول الحقيقي والنقي والصادق للمواطن اليمني البسيط الذي وحده من يدفع الثمن باهظاً جراء هذه الأزمة التي بدأت سلوكاً شبابياً مشروعاً ثم مالبثت أن تفاقمت بفعل السطو المفضوح على ساحاتها من قبل أحزاب اللقاء المشترك وصولاً بها إلى مانحن عليه اليوم وما تعيشه بلادنا وفي مختلف مجالات الحياة.. وهذا التفسير الخاص بالمواطنين البسطاء للمبادرة الخارجية لخصه لي أحد المواطنين المستفيدين من صندوق الرعاية الاجتماعية وهو واقف ينتظر دوره في مكتب البريد لاستلام مستحقاته ربع السنوية لهذا العام 2011م حيث قال رداً عن سؤال توجه به إليه شخص واقف بجواره من المستفيدين من صندوق الرعاية أيضاً والذي كان سؤاله له عفوياً جداً “ماهي المبادرة الخليجية اللي يتكلموا عليها في التلفزيون؟” فكان الجواب الذي جاء أكثر عفوية وصدقاً “المبادرة يا أخي إننا نستمر نستلم حقنا من البريد وما يجيش علينا يوم يقطعوا علينا بسبب الفوضى أو الحرب لاسمح الله” دفعني فضولي للاشتراك معهما في الحديث بعدما سمعتهما وقلت للمجيب منهما “وما دخل المبادرة بالمعاش؟” (قال لي:أنت فاهم يا أستاذ أن النظام عكسه الفوضى والأمن عكسه الخوف والحرب دمار...والرئيس حقنا الله يحفظه عرض على أصحاب المشترك كم يا حلول وهم يرفضوا وما معهم غير«ارحل»..ما قدر لهم..رغم إنه يقدر يسحقهم..لكنه يخاف على المواطنين أمثالنا..وجاء أصحاب الخليج بالمبادرة من أجلنا وتمنع أي حرب تقوم) بهذه الكلمات البريئة والصادقة والمعبرة عن مدى مدلول الوعي الشعبي للأزمة لدى البسطاء وللمبادرة وللمعارضة ولمواقف فخامة الأخ الرئيس نقف جميعاً بكل إجلال وإكبار للسواد الأعظم من شعبنا اليمني الأصيل الذي يحب السلم والأمن والاستقرار والحياة بكل شظف عيشها إن توافرت له السكينة العامة لأن شعبنا يرفض الفوضى والحرب ويرى عواقبهما ماثلة للعيان من خلال ما يشاهده من مآسٍ في بلدان عربية أخرى أوصلتها عواصف التغيير إلى المصير المجهول..وكم هو معنى عميق ذلك الذي ربط استمرار صرف مستحقات المستفيدين من صندوق الرعاية الاجتماعية في بلادنا بالشرعية الدستورية التي جاءت المبادرة الخليجية للحفاظ على بنيانها وبما يخدم المصلحة العليا لليمن وللشعب اليمني..كم هو المعنى كبير ذلك الذي أفصحت عنه المبادرة الخليجية وباركتها إرادة قائدنا فخامة الأخ الرئيس من خلال حرصه على الصالح العام للوطن والذي عبرت عنه بجلاء التنازلات التي قدمها حتى يفوت على أعداء اليمن والشعب فرصة جر الوطن إلى متاهات الخراب والفوضى والدمار..ونحن نؤكد هنا احترامنا الكبير لكل المواقف الوطنية المخلصة التي يقفها اليوم فخامة الرئيس لتأكيد وحدة الشعور مع إخواننا في الخليج بحتمية حل الأزمة، ولتأسيس حالة من التضامن العربي النادر حفاظاً على المصلحة العامة لليمن والخليج والوطن العربي الكبير ثقتنا أن المبادرة سوف تتجاوز كل العراقيل المنصوبة لها على الطريق ولسوف يثبت اليمن بإذن الله انه أكبر من كل التحديات المعادية. وإن الله على نصرنا لقدير.