يبدو أن أمريكا لم ترغب في تضييع الوقت، مستفيدة من الصيد الثمين المتمثل في أجهزة حواسيب بن لادن كما قالت فأرسلت وبسرعة طائراتها لقصف العولقي ولكن القذائف أخطأته وأصابت ضحايا غيره كالمعتاد. قد يكون ما زعمته أمريكا صحيحاً من أن المعلومات في حواسيب بن لادن توفر مادة كافية لإحداث ارتباك شديد في تنظيم القاعدة، وربما كان الإعلان عن هذه الغنيمة مقصوداً وهو إحداث الارتباك من جانب القاعدة، مايؤدي إلى كشف معلومات جديدة غير متوافرة في الحواسيب. حتى الآن لاتزال الطريقة التي قُتل بها بن لادن غامضة، ومسألة بشاعة الصور ليست مبرراً كافياً لعدم توضيح هذه المسألة، والظاهر والله أعلم - أن الأمريكان لم يستعدوا للمرحلة التالية أو لم تكن لديهم خطط لمرحلة مابعد بن لادن، رحمه الله. المتضرر الأكبر من موت بن لادن هي الأنظمة التي كانت تبتز الأمريكان بفزاعة القاعدة، ولعل باكستان أكبر المتضررين ,حيث لايزال الغموض يكتنف سر العلاقة بين بن لادن وباكستان أو على وجه التحديد المخابرات الباكستانية!. وهل كانت هذه المؤسسة التي تحكم من خلف الستار داخل باكستان لاتعلم حقيقة بوجود بن لادن على أراضي باكستان لهذه الفترة الطويلة؟.. لقد بدأ الأمريكان منذ فترة يشكون في مصداقية المخابرات الباكستانية فقاموا بهذه العملية منفردين كما زعموا أو عن طريق اختراق لهذه المخابرات ،لأنهم يعتقدون أو هكذا يبدو أن المخابرات الباكستانية كانت تضللهم كل ذلك الوقت منذ سبتمبر 2001م وحتى العملية الأخيرة. الحقيقة أن الارتباك لن يصيب القاعدة فقط، وإنما المخابرات الأمريكية، أيضاً وربما تساعد المعلومات التي سيحصلون عليها من غنيمة بن لادن في تفكيك المركز الرئيسي للقاعدة في باكستان وأفغانستان، وما لم يتم ترجمة هذه المعلومات إلى عمليات سريعة فربما تفقد أهميتها وتتمكن القاعدة من تنظيم نفسها طبقاً للوضع الجديد قبل أن تتحرك أمريكا فهم ليسوا أغبياء أيضاً. الواضح أيضاً أن بقاء الاحتلال الأمريكي لأفغانستان والعراق وتدخله المباشر في بعض دول المنطقة يوفر مبرراً قوياً للتعاطف مع القاعدة في هذه المناطق، أما على الجانب الشعبي فإن حركات التحرر بطرقها السلمية الجديدة ما لم تخترق ستكون قادرة على تدبير أمورها بغير القاعدة. ونسأل الله أن يجنبنا الفتن.