إن الأمن والأمان، والطمأنينة والسلام، من أعظم النعم، وأجل المنن، التي أمتن بها الخالق سبحانه وتعالى على عباده، ولا يعرف قدر هذه النعمة العظيمة، والمنة الجسيمة، إلا من حُرم منها، وسُلبت منه. ومن ذا يهنأ بعيش كله خوف وفزع؟ بل من هذا الذي يفضل البقاء في حياة ملؤها الرعب والوجل؟ وإذا ما أردت شواهد حية على أهمية الأمن والاستقرار في الحياة، وكيف أن الحاجة ماسة إلى وجودهما فهذه شواهد قاطعة، آيات قرآنية، وأحاديث نبوية، نريك كم هو الأمن ضروري للحياة السعيدة، والعيش الرغيد. قال الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه العزيز، حاكياً عن خليله إبراهيم عليه السلام:{وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمناً وارزق أهله من الثمرات} فنجد أن الخليل إبراهيم، قدم الأمن على الرزق في دعائه ربه عزوجل، ليدلك على أن الأمن أهم بكثير من الرزق، لأنه في حالة وجد الأمن فإنك تستطيع أن تخرج باحثاً عن رزقك الذي قسمه الله لك، وتسعى في مناكب الأرض طلباً، وحصولاً عليه، ولا يعيقك شيء، مادمت تتمتع بالأمن والأمان، ومادام أنك واثق بأنه لن يصيب أهلك شيء في حالة خروجك لرزقك. أما إذا وجد لديك المال وانعدم الأمن، فماذا عساه ينفعك هذا المال، وأنت خائف وجل، وسط دارك، لا تستطيع الخروج ولا الولوج، ولا تقدر على الذهاب ولا الإياب، ترتعش خوفاً بين جدران منزلك، تتحين هجوم العدو، وتترقب اقتحام اللصوص، فهل ستشتري الأمن بأموالك؟ كلا.. وألف كلا ولو ملكت كنوز الأرض بأكملها. وهاهو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يوافق أخاه إبراهيم عليه السلام الرأي، ويشاطره ذات التصور ويتفق معه في أن الأمن أهم من المال، فقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “من أصبح منكم آمناً في سربه، معافى في بدنه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها”. صدقت ياسيدي يارسول الله، فالدنيا كل الدنيا، والحياة كل الحياة، والعيش كل العيش، إنما هو في وجود الأمن، فإذا زال الأمن، وانعدم الاستقرار، واختفت الطمأنينة، وفقدت السكينة فعلى الدنيا السلام، وعظّم الله الأجر مقدماً. ونحن في يمن الإيمان والحكمة امتن الله عزوجل علينا بالوحدة اليمنية المباركة، فكان الأمن والأمان وحصلت السكينة والاطمئنان ووجد الهدوء والاستقرار. كل ذلك كان السبب في وجوده بعد الله سبحانه هو فخامة الرئيس علي عبدالله صالح الذي آتاه الله الحكمة، ومنحه الصبر، ورزقه الإخلاص، وأعطاه الفهم والإدراك، فقد أيقن - وحفظه الله - أن الأمن لا يمكن أن يسود في ظل الفرقة والشتات، فكان أول ما بدأه هو السعي الحثيث والعمل الجاد، والجهد المتواصل، إلى إرساء قواعد الوحدة المباركة، وغرس مبادىء المحبة والإخاء، وتثبيت أعمدة الاجتماع واللحمة، بعد ذلك كله أرسى قواعد الأمن والأمان في اليمن الميمون، وأخرج اليمانيين من ظلمات الخوف والوجل، إلى نور الأمن والأمان، ومن جحيم الفزع إلى جنات السكينة والطمأنينة. وفعلاً.. ذاق اليمانيون طعم الأمن في عهد الرئيس الصالح أطال الله بقاءه واعترف وأقر بذلك كل يمني منصف، ووطني غيور، وشهد شاهد من أهل اليمن، وهم الآباء والأجداد الذين اكتووا بنار الخوف حقبة من الزمن، وحيناً من الدهر، قبل تسلّم فخامته مقاليد الحكم، وكم تسمعهم يثنون على الرئيس الصالح خيراً، وطالما تلهج ألسنتهم بالدعاء له صباحاً ومساءً، بل وكم يحثون أبناءهم وأحفادهم على الحفاظ على نعمة الأمن والاستقرار، وعدم التفريط بها، أو كفرها وجحودها، ولا يعرف قدر النعمة إلا من ذاق ضدها. وبما أن النعم تزول بالمعاصي، وبالجحود والكفر والنكران لها، فإننا نهيب بإخواننا في أحزاب اللقاء المشترك، بأن يكفوا عن أعمالهم الإجرامية، التي تعدت حدود الشريعة والدين، وتخطت رقاب الدساتير والقوانين، وآخرها وأفظعها قتل رجل مسن وقطع لسان شاعر، والتي يهدفون من ورائها إلى استجرار الحكومة إلى الرد بالمثل، والدخول إلى ميدان الصراع، وساحة النزاع، لكي تعم الفوضى، وينعدم الأمن، ويستشري الخوف، وينشر الفزع، وتتقوض أركان الاستقرار الحياتي. والله لا ندري ما الفائدة التي سيجنيها هؤلاء من وراء الفتن، بل ولا نعلم كيف سيطيب لهم العيش في كنف الخوف والقلق؟ يا إخواننا في اللقاء المشترك، اتقوا الله في هذا الوطن، اتقوا الله في هؤلاء المواطنين، احمدوا الله واشكروه على مانحن فيه من أمن واستقرار. وإياكم.. ثم إياكم.. ثم إياكم أن تكونوا سبباً في زوال هذه النعمة العظيمة الجليلة، نعمة الأمن بأعمالكم المخزية هذه وأفعالكم المشينة تلك. وأعلموا إن هذه الملايين التي احتشدت في العاصمة صنعاء، قد تقاطرت من جميع ربوع اليمن الميمون، تناشدكم الله في الأمن والاستقرار، وتدعوكم إلى عدم جر الوطن إلى مربع الفوضى، ومستنقع الخوف، وتترجاكم ألا تكونوا سبباً في دمار البلاد والعباد، فتحل عليكم اللعنة الأبدية. اللهم آمنا في دورنا واحفظ لنا ولي أمرنا، وفرّج همنا، ونفّس كربنا.. ياذا الجلال والإكرام.. ياحي ياقيوم.