لا يعلم الغيب إلا الله سبحانه وتعالى، والأعمار، كذلك يعلمها هو ، وهو الذي يقبضها ولكل أجل كتاب.. لكن البعض ميت وهو مازال حياً بيننا. في الحياة كثيرون نتعظ بهم، ونتأثر، فمنهم من يعمر كثيراً ومنهم من يرحل سريعاً، وقد فارقنا الكثير من الإخوة الأحبة والزملاء على مستوى مهنة الصحافة التي هي مهنة المتاعب، ولعل المؤلم حقاً أن يرحل زميل لنا، ولم نعلم به، وهو الذي كان يتنقل مثل النحلة، في مكتب الإعلام والثقافة والمدارس والمرافق المختلفة.. إنه الزميل المرحوم/ محمد علي حميد رحمة الله عليه. محمد علي حميد، مات، ولم ينعه أحد وكأن الدنيا قد أصابها الهرم صحافي يموت، وبمرض خبيث ولم يعره أو يسعفه أحد، نُقل إلى الإنعاش في مستشفى الجمهورية واستمر أياماً، وانتهى شريط حياته الحافل بالانجازات التي لا ينكرها إلا جاحد.. فالرجل كان شعلة من النشاط وله تناولات عدة في الصحف المحلية وفي الفضائيات والمنتديات عاش بسيطاً وأنجز عدة مواضيع لصالح المحتاجين والتربويين، ونشط في إغاثة الملهوف، مثله مثل الزميل المرحوم أنيس سيف الذي كان قلمه رشيقاً ومسخراً للمحتاجين وعندما ألحق المرض به هزيمة صحية لا فكاك منها، لم يلتفت إليه أحد.. كذلك الحال للزميل المرحوم أحمد راجح سعيد الذي مات وهو يتأسف ويتألم لموت الزميل عادل الأعسم.. ياالله إرحمهم أجمعين.. لقد كان محمد علي حميد إنساناً حساساً، ورأيته مرة يبكي متألماً لمرض أحد الزملاء، إذ لم يقو على حمل الصدمة.. رأيت بن حميد يطأطئ رأسه باكياً فعرفت أنه لا يملك إلا الدموع والقلب الكبير.. وعند مرضه ربما لم يجد من يأسف له أو يبكيه.. وقد علمت بوفاته عبر الجار الصديق فيصل سلام الذي هو قريبه، عرفت أن الرجل في خطر، وجاءت الأحداث الجسام ودخلنا في دوامة، ونسينا، نسينا حتى السؤال عنه، حتى كانت الوفاة كنهاية أعزه الله بها من شظف العيش وتقلبات الزمن.. محمد علي حميد عُرف عنه الأخلاق والمواقف الرجولية، وكان لا يألو جهداً إلا وسخره لمن يحتاج إليه.. وكان رحمه الله حقانياً مدافعاً عن الناس وقضاياهم.. لكن الله يختار الطيبين رأفة بهم ورحمة مما يعانون وتلك هي مشيئة الله جل وعلا.. رحمك الله يا بن حميد، وأسكنك فسيح جناته، ولأهلك وذويك نتقدم بالتعازي، وإن كانت متأخرة، لكنها واجبة علينا بعد أن افتقرنا إلى تقديمها في وقتها.. والمعذرة لهم ولحبيبنا محمد طيب الله ثراه ! إنا لله وإنا إليه راجعون !