الكلمات تتقزم والقلم يرتعش بين أصابعي وكأنني مولود صغير لايقوى على حمل القلم.. مات عادل الأعسم هكذا مجرداً من الألقاب.. رسالة وصلت عبرالموبايل لتؤكد حجم مأساة الاعلامي الذي يموت دون ضجيج ولاتطلع علينا مذيعة حلوة تنعي الفقيد وتؤكد بأنه سيتم دفن الاعلامي في مقبرة خزيمة بصنعاء كما جرت العادة لآخرين مات عادل الأعسم لأن الارادة الالهية اختارت الزمان والمكان والسبب الذي استغرب له كثيرون كيف لعملية في الأنف لإزالة لحمية تتحول إلى مأساة انسانية وفضيحة طبية مصرية خالصة كما كثرت في مصر حالة زيادة جرع التخدير.. كما في حالة الممثلة سعاد نصر وكثيرون .. أخطاء بالجملة لأن ضمير الطبيب وكفاءته لم تعد على جدول الضروريات وأصبحت أشياء ثانوية. مات عادل الاعسم في مصر لأن القدر حدد نهاية سفر ناصع ومشرق لعملاق كلمة ستظل طبيعته البدوية ومواقفه المتصلبة أحياناً والتي أكسبته حب الناس وأدخلته في صدامات مع متنفذين استغلوا باب الرياضة المخلوع للولوج الرياضة وهم بعيدون عن الرياضة وقيمها ومبادئها ويجهلون أبجدياتها. مات عادل الاعسم وتركنا لدنيا فانية مزدحمة بالمشاهد المحزنة وغدر المقربين والأحبة الذين يتربصون لدس السم لك في أي لحظة قد تلهو ببصرك عنهم. مات عادل الأعسم ليستريح من عناء وهموم دنيا تشغلنا عن واجبات دينية وأسرية ووظيفة عامة تستبيح كل مايمكنها من رغبتك وراحتك ومبادئك وتلهيك عن واجباتك تجاه من ربوك وتغفل عن أولاد.. مات الأعسم الذي جمعني به آخر لقاء في تعز في مباراة التلال ورشيد تعز حضره المعروف بانتمائه لوحدة عدن ولكنه وفاء منه لقدوتنا في الوفاء عارف الزوكا الرجل الذي لايتوانى عن خدمة من يعرفهم ويستميت ليحقق لك مصلحة. مات الاعسم الذي استفزتني انطلاقته القوية في أجواء الابداع مع بداية اصدار صحيفة الرياضة التي جعلت منه مع أستاذي ومنهل الابداع مطهر الاشموري «جسدين في روح واحد» كما يشدو فناننا الآنسي ورغم الائتلاف والتوافق بين الاعسم والاشموري إلا ان الاعسم كان يختلف أحياناً مع الاشموري وينتقده بشدة ولكنه كان يرسل مايكتبه لاستاذنا الاشموري الذي يتعامل بمهنية وينشر ماكان يكتبه الاعسم ويفند مايطرحه. مات الاعسم وتركنا لحشرجات قوية تلعثمنا عند الحديث وتنخر في أجسادنا لتزيدنا انهاكاً وضعفاً وتؤكد كم نحن البشر ضعفاء عند أبسط موقف أو عندما نتعرض لأي مشكلة لانقوى على حلها أو تجاوزها. مات الاعسم عادل وتركنا حائرون ماذا نكتب عنه وعن مأساة الاعلاميين الذين «يموتون غرباء» كما يقول الراوي محمد عبدالولي في رواية له .. نعم يموت الإعلامي غريباً بعكس لاعبي المنتخبات فالاعلامي الذي لايوجد من يعين أسرته بعد مماته من وزارة الشباب أو من اتحاد اعلامي مشفر ولايجد انصافاً بعد مماته من زملائه الذين لايذكرون إلا العيوب النادرة لزميل ان وجدت أو مايصدقون حدث جنازة ويشبعون فيها حشوش واساءة لزميلهم هذا مايتحصل عليه الاعلامي عند مماته. مات الاعسم وترك لمحبي الحشوش والتجريح أسئلة ليس لها أجوبة فالرجل كان كبيراً في عطائه رغم ابتعاده مؤخراً عن الوسط الاعلامي إلا ان عظمة مواقفه جعلته في قائمة المبدعين والمتميزين فمن لنا قدوة للمواقف التي تجعله يتقبل دفع ضرائب لمواقفهم غير آبه بالخسارة التي سترهق كاهله لرأي يقوله أو موقف يسجله مات عادل الاعسم «فسلام عليه يوم ولد ويوم يبعث حياً.. وإنا لله وإنا إليه لراجعون»