يشدني دائماً ما يكتب حول الزراعة اليمنية ونجاح المشاريع الزراعية التابعة للدولة والتي بدأت في الظهور في الستينيات مثل جمعية المخا الزراعية كشركة مساهمة, نصيب الدولة فيها خمسون بالمائة والباقي للقطاع الخاص ولكنها لم تستمر سوى سنوات قليلة فقط بسبب الخلافات ومحاولات السطو الإداري والمالي عليها من قبل بعض المتنفذين في حينه. ولكن المشاريع الزراعية الأخرى وكانت تسمى تنموية أو بحثية كلها أو جلها تركزت في وديان تهامة السبعة وعلى رأسها وديان رماع وزبيد وسردود والواقعة في سفوح جبال وصاب بين عتمة وآنس وذمار وصعدة وحجة, تراوحت بين النشاط الكامل الذي أثمر ما وصل إلى الأسواق اليمنية من الخضروات والفواكه والحبوب لاسيما الذرة والدخن والسمسم وكانت بعض الخضروات كالطماطم والباميا تفيض عن حاجة المستهلكين اليمنيين بكثير بحيث كان يصل سعر الصندوق الطماطم الذي يزن عشرين كيلو جراماً في السبعينيات والثمانينات ريالاً واحداً. وقالوا إن السبب هو عدم وجود تنسيق زراعي أي عدم إشراف مباشر من وزارة الزراعة من حيث التثقيف والإرشاد في عملية الحرث والبذر والحصاد والتسويق والشحن والنقل والتخزين مما سبب خسائر كبيرة للمزارعين اللهم إلا الفترة التي امتدت من عام 74 وهو عام ظهور التعاونيات الزراعية وبدأنا نسمع عن نظام جديد يكفل للمزارع حقه في تسويق وتصدير منتجاته إلى أي مكان بطرق سليمة وأساليب حديثة شجعت المزارعين وساهمت في رفد خزينة الدولة بالمال الكثير. فقد فتحت السعودية أسواقها للباميا والفاصوليا والطماطم والكوسة اليمنية التي كانت تنقل طازجة يومياً بالطائرات وتلاقي إقبالاً كبيراً هناك وفي بعض دول الخليج وربما بعض دول شرق أفريقيا ولم يدم ازدهار الزراعة التعاونية طويلاً حيث تعرضت للإهمال والتخريب المتعمد أحياناً من قبل جهات وعناصر يمنية تمكنت من وأد النهضة الزراعية اليمنية بعد عام 78م. واليوم لفت انتباهي ما كُتِب عن مزرعة سردود التاريخية الشاملة بعد أن كنت قد حسبتها من المزارع المنتهية بضربة الفساد الذي طال كل مشروع ناجح زراعي أو إيرادي أو تجاري مشترك تحت مسمى مختلط وشعرت بالسعادة من عودة هذه المزرعة الكبيرة إلى إنتاج الفواكه والخضروات والحبوب وتربية الأبقار والماعز وأهمية ما تنتجه من حيث النوع والكم على الاقتصاد الوطني والأمن الغذائي اليمني الذي طالما اعتبره الوطنيون المخلصون حجر الأساس في استقرار وأمن وازدهار اليمن واليمنيين.