نتيجة فاجعة دلت عليها هذه الفوضى السياسية المعيشة ,وهي أن القلوب لم تعمر بالإيمان, وأن مساحة بعيدة تزيد كل يوم تقطع صلتنا بالله سبحانه وتعالى، وأن هذه المسافة الشاسعة والبون البعيد قد ملأه حب الدنيا وهو أصل كل قطيعة ومصدر كل شر في الكون.. كلما ابتعدنا عن الله قربنا من الشيطان نعبده ونقدسه, وقد نهانا الله أن نعبد الشيطان (ألم أعهد إليكم يا بني آدم ألا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم ولقد أضل منكم جبلاً (خلقاً) كثيراً أفلم تكونوا تعقلون).. وإلا بماذا نفسر هذا الاختلاف الذي أدى بنا إلى قتل النفس المحرمة , وقطع السبيل , إن لم نكن قد انحرفنا عن عبادة الله الواحد لاشريك له إلى عبادة الشيطان.. كلما زاد حرصنا على الدنيا الحقيرة، ابتعدنا عن الله واليوم الآخر, ولقد ضرب الله ببني إسرائيل مثلاً في الحرص على الدنيا والتكالب عليها فوصفهم بأنهم «احرص الناس على حياة» أي حياة.. فيم هذه المؤامرات بين الإخوة, أوصل بنا ضعف الإيمان لدرجة نسفك فيها دم إخواننا؟, نعتدي على الحرمات، نسير وفق النميمة والكذب في وسائل إعلامنا؟.. من أجل ماذا نزرع الخوف في النفوس ونثير الذعر بين الناس, حتى لتغدو القلوب موزعة بين بحث عن الطعام والشراب وترقب قريب لاندلاع حرب ومداهمة حرمات .. لقد بلغت بنا القساوة مبلغاً عظيماً, فلم تنفع موعظة ولم تؤثر فينا مشاهد الصراع والاقتتال!.. ولو خالطت بشاشة الإيمان قلوبنا ماصبرنا على قاضٍ رجيم يظلم صاحب حق, ولامتنفذ يخرج على كتاب وسنة, ولا على مسئول يخون الأمانة ولما سمحنا بهذا العبث الذي طال ويطول حياتنا على نحو همجي متخلف.. إن مئات الملايين التي نهبت، آن للأيدي أن تتطهر منها لتردها إلى أهلها, لانقول لنبني فيها مستوصفاً في ريف, ناءٍ بعيد، وإنما للأسف نصلح بها برجاً كهربائياً دمره وغد مريد وطريق خربه تافه إبليسي ومبنى هدّه مراهق حقير.. آن للقلوب أن تتطهر من رجس الشيطان وتتحرر من عبادة الأهواء.. فاليمن الذي اشتق اسمه من اليمُن والخير والبركة والحب والسلام لايستحق أن ندمره على هذا النحو المريع.. هذا جنون وضلال، هل بعدنا عن الإيمان هكذا, لنصبح أحرص الناس على دمار وخراب؟