ماذا يعني أن تكون صاحب موقف ويقال:فلان دون موقف أو فلان صاحب مواقف؟.. للإجابة على هذا السؤال لابد أن نعرف الموقف ، بأنه المبدأ أياً كان هذا المبدأ، سلباً أو إيجاباً.. بعبارة ثانية أن الإنسان صاحب الموقف هو الذي لايكون إمعة يتغير بحسب المصالح ووفق الغالب وعندما صادر الغازي الحبشي (أبرهة) القادم من صنعاء لهدم الكعبة وصادر الإبل الخاصة بعبد المطلب قال أبرهة لعبد المطلب : ماحاجتك ؟ فأجاب عبدالمطلب: أن ترجع إليّ ابلي ، فسخر أبرهة وقال له: كنت أحسب أنك ستراجعني في عدم هدم الكعبة ، دين آبائك وأجدادك ، فقال له عبدالمطلب: أنا رب إبلي وللبيت رب يحميه ، والشاهد أن بعض المستشرقين ذهبوا إلى أن عبدالمطلب كان رجلاً أنانياً وغير ذي موقف، بينما ذهب سيد قطب رحمه الله إلى أن عبدالمطلب كان سيد المواقف جميعها وأن عبارته (أنا رب إبلي ..الخ) صدرت عن يقينه ، بأن الله لن يتخلى عن بيته الحرام الآمن وأن أبرهة وجنده سيكونون في مواجهة مع الله الذي لن يتخلى عن حماية بيته الحرام والمستضعفين من عباده في كل زمان ومكان ، وأن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته!! في المنعطفات المهمة من التاريخ ، تاريخ أي أمة ، ينكشف الغطاء عن المرتزقة الأنانيين الذين يصفقون لأصحاب الأعطيات ويستبقون الأحداث بهداية من فطرتهم المريضة وشخصياتهم الانتهازية دون رادع من ضمير أو وصاية من شعور حي .. ويقال إن المقدم احمد الغشمي رحمه الله قابل احد مشايخ الجنوب قبل الوحدة ، فداعبه قائلاً: ما رأيك أن تنضم إلينا في الشمال أحسن من أن يستقطبك الماركسيون فقال له الشيخ الحكيم: ياولد احمد (حفظك الله لا محمد في الشمال ولا ماركس في الجنوب) أي أنكم لم تطبقوا الإسلام على النحو المطلوب في الشمال ولايطبق الماركسيون مبادئ ماركس على النحو الصحيح في الجنوب، واستدرك الشيخ : لقد أسهمت في طرد الانجليزي وفقدت خمسة من أهلي ، ولو سمحتم خلوا لي حالي . ولسنا نطلب إلى أشخاص أن يظلوا حيث تستدعي المواقف أن يكونوا، فالعاجز خلقة وعادة وطبيعة لايقدر أن يفعل شيئاً، ولكننا نريد أن نبين أن الناس أجناس وأنهم معادن ، فليس عقلاً أن تطلب إلى العصا أن تكون صارماً وإلى النعجة أن تكون فيلاً وإلى الماعز أن يكون أسداً هصوراً، وسأحكي غداً قصة توضح الموقف .