تتعرض الدول إلى كثير من الأزمات والكوارث بمختلف أشكالها وأنواعها الأمر الذي قد يؤدي إلى توقف أو تأجيل الدراسة في بعض أو كل المدارس والجامعات حرصا على سلامة أبنائنا التلاميذ والطلاب والأخذ بمبدأ تجنب الأضرار والمخاطر يقدم على جلب المنافع، وفى هذه الحالات يمكن الاستعاضة بنظام التعليم الالكتروني أو التعليم عن بعد بما له من دور هام ومحوري لاستمرار العملية التعليمية لدى المؤسسات التعليمية في ضوء البحث عن بديل للتواصل اليومي بين المعلم والمتعلم. فالتعليم عن بعد نظام إلكتروني يتيح التفاعل بين المعلم و المتعلم من خلال عرض كامل للمحتوى التعليمي للمقررات والدروس ويتم فيه استخدام آليات الاتصال الحديثة من حاسبات وشبكات ووسائط متعددة بما تتضمنه من تآلف عناصر الكتابة والصور والموسيقى والصوت والرسوم الثابتة والمتحركة وغيرها من العناصر ، وهناك أيضا الوسائط الفائقة وهى برامج تعتمد على الانتقال من وسيط إلى وسيط آخر لتقديم المعلومة بشكل آخر أو بدرجة أعمق وأكثر تفصيلا، هذا بالإضافة إلى استخدام الانترنت لتداول المعلومات في المجال التعليمي والتدريسي وإتاحة استخدامه عبر الهاتف المحمول في أي مكان ويمكن الدخول على الشبكة العنكبوتية وما تحتويه من دائرة معارف هائلة ممتدة عبر القارات ،كما يمكن استخدام الفيديو التعليمي والفيديو التفاعلي وشبكات مؤتمرات الفيديو . بالإضافة إلى القنوات التلفزيونية التعليمية المتخصصة . كل هذه الابتكارات التكنولوجية التعليمية الجديدة تسمح للمعلم باللقاء والنقاش والمحادثة الحية مع طلابه من مختلف الأماكن مع إمكانية نقل وتداول المعلومات بين المعلم والمتعلم بأشكالها المختلفة .كما أن هذه التقنية تسهم بشكل فعال في رقمنة المكتبات وإنشاء معامل افتراضية وإلقاء المحاضرات وعقد الندوات التعليمية وورش العمل عن بعد . ويجب أن نؤمن أن التعليم عن بعد أو التعليم الالكتروني له فوائد كثيرة تفوق التعليم التقليدي ولعل أهمها التعلم الذاتي وزيادة الدافع لدى المتعلم من خلال عناصر التعليم عن بعد المتعددة والتي تعمل على ثقل موهبته وتنمية قدراته ، كما أن هذا النمط من التعليم يعتبر نقلة لمنظومة التعليم حيث يعزز التفاعل بين المتعلم والمعلم والمحتوى التعليمي والمحتوى المعرفي . وللتعليم عن بعد عدة أشكال أهمها التعلم المتزامن والذي يتطلب وجود المعلم والمتعلم في آنٍ واحد ليتم اتصال متزامن بينهما بالنص أو الصوت أو الفيديو أو الشات وما إلى ذلك، وهناك شكل آخر للتعليم عن بعد وهو غير المتزامن وهو اتصال بين المعلم والمتعلم غير المتزامن بحيث يمكن للمعلم وضع خطة التدريس والتقييم على الموقع التعليمي ثم يدخل الطالب للموقع في أي وقت من الأوقات ويتبع إرشادات المعلم في إتمام العملية التعليمية دون أن يكون هناك اتصال متزامن مع المعلم. إن معظم الجامعات اليمنية وخصوصا الجامعات الحكومية في بلادنا تمتلك مراكز للتعليم الالكتروني والتعليم عن بعد , لكن للأسف الشديد أن هذه المراكز لا تؤدي دورها بفاعلية في ظل الأحوال العادية أو الطبيعية فما بالكم بحالة الأزمات والكوارث . لقد كان بإمكان وزارة التعليم العالي والجامعات وبالتنسيق مع وزارة الإعلام في بلادنا ومن وقت طويل إنشاء قناة تلفزيونية تعليمية أو أكثر من قناة يمكن من خلالها تقديم مختلف الدروس والمحاضرات لأبنائنا الطلاب أسوة بالعديد من الدول الشقيقة والصديقة التي تمتلك بعضها أكثر من قناة تعليمية لمختلف المراحل الدراسية في التعليم الأساسي والثانوي والجامعي . لكن يبدو أن مؤسسات التعليم العالي في بلادنا مازالت لا تؤمن جيدا بتكنولوجيا التعليم وضرورة مواكبة عصر المعلومات , ولا ادري متى سنواكب التطور التكنولوجي في مؤسساتنا التعليمية وفى أساليب تقديمنا للخدمات التعليمية . وختاما يجب أن نعي تماما أننا مقبلون على منعطف قد يحول دون استمرار العملية التعليمية في مسارها الطبيعي نتيجة للأزمات والكوارث التي قد نواجهها والذي قد يؤدي في النهاية إلى تأخرنا وعدم مواكبة الدول المتقدمة علميا وستكون هناك فترة زمنية يتوقف عندها التعليم تماما مما يتسبب في تدمير اقتصادنا بشكل مباشر ،لذا ينبغي أن يكون هناك فريق عمل متكامل لوضع السيناريوهات البديلة اللازمة في مراحلها المختلفة خاصة فيما يتعلق بسير العملية التعليمية وإيجاد وسائل تعليمية بديلة كالتعليم عن بعد والتعليم الالكتروني للتواصل بين الطلاب والمؤسسات التعليمية وذلك بتعزيز توافر المكون التكنولوجي بالمؤسسات التعليمية بما يتناسب مع التطورات الهائلة التي يشهدها هذا المجال عالميا ، كما ينبغي التركيز على نشر ثقافة التعليم عن بعد لدى المعلم والمتعلم من خلال الإعلام بأشكاله المختلفة وكيفية الاستفادة منه والتعامل مع آلياته في حالة حدوث الكوارث والأزمات وانتشار وتفشي الأوبئة. (*)أستاذ التسويق المساعد / جامعة تعز [email protected]