بقلب جديد، تنبض مدينة المكلا، وبثوب قشيب تستقبل المدينة مهرجان البلدة السياحي في نسخته الثامنة، وينطلق المهرجان هذا العام اليوم الخميس 14 يوليو2011 ليؤكد مجدداً «الوجه السياحي المتميز لعروس البحر العربي المكلا» فخلال الفترة من (14-29) يوليو من كل عام ورغم حرارة الجو والصيف إلا إن بحر المكلا يكون في أعلى درجات برودته، ومن المشاهد المألوفة في المدن الساحلية بحضرموت (المكلا، الشحر) ارتياد الكثير من المواطنين قبيل شروق الشمس في أيام موسم البلدة الشواطئ للاغتسال والسباحة في مياه البحر البارد جداً «فيخفف عنهم حرارة الأجساد ويزودهم نشاطاً»، ويقضون أوقاتاً “ ممتعة على الرمال مع نسائهم وأطفالهم، والاغتسال في مياه البحر أيام البلدة والبلدة نجم يستمر(15) يوماً تقريباً علاج ناجح لعدد من الأمراض الجلدية، وضغط الدم، والسكري ولهذا يصل إلى مدينة المكلا في هذه الأيام الآلاف من السياح والمغتربين اليمنيين من السعودية والإمارات العربية المتحدة وعُمان ومن وادي وصحراء حضرموت ومن محافظات عدن وتعز وأبين وشبوة وصنعاء للاغتسال في مياه بحر العرب الباردة بمدينة المكلا.. ويشير الأستاذ الباحث عبد الرحمن عبد الكريم الملاحي في كتابه (نجم البلدة بين المفهوم الفلكي.. والمدلول الثقافي) :«البلدة هي احد أنواء فصل الخريف الزراعي وهي المنزلة الثانية وتحل حسب تقويم المشهور المعروف بمساجد حضرموت والمهرة في اليوم». الخامس عشر من شهر يوليو كل عام، ونجم البلدة أو منزلة البلدة كما يصف شكلها الفلكي القزويني : «فضاء في السماء لا كوكب به بين العائم وبين سعد الذابح وليس فيه إلا نجم واحد خامد يكاد لا يرى وهي ستة كواكب مستديرة صغار فضية تشبه القوس». وأكثر الفئات إحساساً بنجم البلدة وارتباطاً بمتغيراتها النوئية هم المزارعون والصيادون ففي هذا النجم كان يتم التعاقد بين ملاك المزارع والعاملين عليها، وفيها يتم وضع بذور بعض المحاصيل، ويثمر النخيل ويكثر الرطب وتعقد فيها وبعدها الزيجات وتقام الأسواق التجارية في القرى والوديان والمهرجانات (الزيارات) المرتبطة بالأولياء الصالحين والبعض الآخر يرتبط بتقليد تجاري اجتماعي، أما الصيادون كما يشير الباحث عبد الرحمن الملاحي هم الأكثر ارتباطاً وإحساساً بنجم البلدة فجزء منهم يرحل إلى القرى القريبة من المدن ليعملوا في المزارع والبساتين، أما من تبقى منهم في المدن فيحتفلون بمنتصف النجم في الثامن منه الموافق الثاني والعشرين من يوليو فيجعلونه يوم عيد فينوعون غذاءهم في ذلك اليوم فلا يأكلون السمك فيه ويطوفون جماعات بأضرحة الأولياء الصالحين. الاحتفال بمهرجان البلدة السياحي هذا العام يأتي في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها وطننا اليمني والاحتقان السياسي إلا إن حرص السلطة المحلية بالمحافظة على إقامة المهرجان وفي موعدة المحدد يأتي بهدف توسيع مساحات الفرح بين المواطنين، وإعادة الأمل في النفوس المنكسرة وإبراز الوجه المشرق لمحافظة حضرموت ولنجم البلدة بطقوسه وعاداته وتقاليده وتجتهد السلطة المحلية بالمحافظة في إعادة رسم ملامح الصور الجميلة لتلك العادات والتقاليد لنستلهم منها ما هو مفيد لحاضرنا، والحرص على التواصل المستمر بما هو جميل من الماضي من أجل الوثوب للمستقبل بخطى واثقة. فلنمض نحو فعاليات المهرجان بثبات تعززها المشاركة الواسعة التي نطمح إليها من قبل الجميع فالمشاركة هي ما نطمح إليها لأنها تؤكد الالتفاف الواسع للمواطنين حول كل البرامج التي تقيمها السلطة المحلية من أجل الحفاظ على تراثنا وماضينا النبيل وخلق أجواء مناسبة لتطوير مجالات السياحة الداخلية بين مدن وطننا اليمني الكبير، وتعزيز الاستثمار الاقتصادي والثقافي والسياحي، والاستفادة القصوى من التنوع المناخي لمحافظة حضرموت المترامية الإطراف ومزايا موسم نجم البلدة العلاجية التي تعد إحدى أهم أهداف تنظيم هذا المهرجان. هذا هو سحر حضرموت، وميزة عاصمتها المكلا التي تحتضن المهرجان، فهي تضخ نبضات من الفرح والفنون.. والذكريات، ومساحات من التواصل والمحبة والألفة، وتحاول بجداره تشكيل المخزون التراثي القديم إلى رؤى جمالية إبداعية معاصره، فكان لها ما أرادت وكل عام ووطننا اليمني والجميع بخير.. والله من وراء القصد. [email protected]