لم يدرك الناس خطورة الأفكار المنحرفة إلا في وقت متأخر بعد أن أصيب الشباب الذين كانوا هدفاً لأصحاب تلك الأفكار ولم يدرك الآباء خطورة ترك الأبناء وعدم متابعتهم ومناقشتهم وتبصيرهم بالحقائق إلا بعد أن رأوا من أبنائهم ما أوجعهم وأخرج البعض منهم عن نطاق السيطرة والتحكم في أعصابه بل أن بعض الآباء وقع مع من وقع في الفخ الذي أعده لهم دعاة الفتن، وأصحاب النزعات والأهواء الخاصة الذين جعل من الدين سلماً للوصول إلى السلطة، ولم يدرك ذلك البعض إلا بعد تقشع الغطاء وسقط القناع وأفصح دعاة الفتن عن أهدافهم الحقيقية. إن الله سبحانه وتعالى قد خلق الإنسان وسخر له الكون كله وميزه عن بقية المخلوقات بالعقل وجعله مخيراً وليس مسيراً ورغم ذلك الشأن الإلهي إلا أن البعض أصر على إلغاء عقله وتنازل عن حقه في التأمل والتفكر وحرية الاختيار وقبل أن يكون مسيراً من إنسان مثله يقوده نحو الهوى الشيطاني ويفرض عليه العبودية، المطلقة تحت تأثيرات متعددة مداخلها عذبة ونتائجها سامة وشديدة السمية وظاهرها الرحمة وباطنها العذاب وبعد أن يظهر ذلك العذاب تجد ذلك الذي أعتقد في أصحاب الافكار المنحرفة مجرد آلة يسيره أصحاب الأفكار المنحرفة وفق إرادتهم الباطنية وبما يتعارض تماماً مع ما قالوه وعلموه للناس، وعندما يحاوره العقلاء والعلماء الأجلاء ويبصروه بحقيقة الأمور وجوهر الإسلام لا يسمع لهم قولاً رغم أن النصائح تتفق مع ما بدأوه من ظاهر القول. إن خطورة الفكر المنحرف لا تظهر في وقت قصير إلا من حرر نفسه من رق العبودية لغير الله ومن تمكن من استغلال عقله وانفتح على الآخرين وتعرف على جوهر الحقيقة واستمع لكل الأفكار دون تحجر أو املاء أو فرض عليه من أحد، بمعنى أن يكون عبداً لله الواحد القهار الذي جعله مخيراً وليس مسيراً وأن ينطلق في التفكير في أحكام الله سبحانه وتعالى ويعتصم بحبل الواحد القهار، أما من يتنازل عن حريته ليصبح عبداً لعبد مثله ويغلق عقله وقلبه ولا يسمع إلا لمن فرض عليه العبودية لغير الله فإنه في حقيقة الأمر قد أخرج نفسه بنفسه من الإرادة الإلهية إلى الإرادة الشيطانية وسلك مسلكاً لا يُرضي الله ولا رسوله ولا الإنسانية مطلقاً وبات مجرد آلة تسيره القوى التي فرضت عليه العبودية لغير الله ولذلك فإن الواجب الشرعي يحتم على الكافة حماية الشباب من كل ذلك بإذن الله,.