هلّ علينا شهر رمضان المبارك هذا العام في ظل ظروف استثنائية صعبة ومعقّدة للغاية جراء الأزمة العصيبة التي يعانيها الوطن والمواطن منذ فبراير مطلع العام الجاري والتي تشعبت وتطورت تداعياتها بشكل مؤسف جراء العناد والمكابرة من قبل قيادات أحزاب اللقاء المشترك وحلفائهم وإصرارهم على السير بالوطن والشعب نحو المجهول, حيث رفضوا كل المبادرات والدعوات الهادفة إلى رأب الصدع وتحقيق الوفاق والاتفاق بين كافة الأطراف لما من شأنه تجنيب الوطن والشعب الانزلاق نحو فتنة تحرق الأخضر واليابس. فالدعوات المتكررة من فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح منذ بداية الأزمة وحتى بعد تعرّضه ومعه كبار قيادات الدولة لمحاولة الاغتيال في الهجوم الإرهابي الغادر والجبان على مسجد النهدين بدار الرئاسة أثناء أدائهم صلاة الجمعة في الأول من رجب الحرام, فرغم تلك الجريمة الإرهابية البشعة والإصابات البليغة التي أصيب بها ومن كانوا معه في المسجد وفي مقدمتهم رؤساء مجالس النواب والوزراء والشورى ونائبا رئيس الوزراء وعدد من قيادات الدولة والحكومة إلا أنه لايزال يكرر دعوته إلى الحوار ويمد يده للجميع لإنقاذ الوطن قبل فوات الأوان, ففي كلمته المهمة التي وجّهها لأبناء الشعب اليمني بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك جدد الدعوة لكل أطياف العمل السياسي في الساحة الوطنية اللجوء إلى الحوار الوطني المسؤول الذي ينطلق من الثوابت الوطنية والدستور كونه المخرج الوحيد والوسيلة المثلى للخروج من هذه الأزمة العصيبة وحل كل الخلافات والتباينات, مطالباً الجميع بالتهدئة ونبذ العنف والتطرف والتخريب وعدم التعامل بردود الأفعال مهما كانت الأسباب والمبررات. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على حرص فخامة الأخ الرئيس على تجنيب الوطن والشعب مغبة التصعيد الذي سيجر البلاد والعباد نحو هاوية سحيقة, فرغم الاعتداء الإرهابي الغادر الذي استهدفه ومعه كبار قيادات الدولة وكاد يودي بحياتهم لولا عناية الله ولطفه, إلا أنه لايزال بحكمته المعهودة يطالب الجميع بالتهدئة وعدم الانجرار إلى مربع العنف والاقتتال, ويؤكد ضرورة الجلوس على طاولة الحوار للخروج من الأزمة, فلم يغلق باب الحوار ولم يقل في كلمته بمناسبة شهر رمضان أو الكلمة التي ألقاها بعد تماثله للشفاء أو التي وجّهها لأبناء الشعب اليمني بعد إصابته في الهجوم الإرهابي بساعات إنه لا حوار مع من تسببوا في هذه الأزمة وأوصلوا البلاد إلى هذه الأوضاع المأساوية, فهل يكون شهر رمضان الكريم الذي نعيش أيامه الروحانية في ظل التداعيات المؤسفة للأزمة التي طال أمدها بسبب العناد والمكابرة وعدم الاستجابة لصوت الحق والعقل والمنطق والامتثال لأمر الله سبحانه وتعالى الذي أمر عباده المؤمنين بتحكيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فيما اختلفوا بشأنه قال الله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم, فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر, ذلك خير وأحسن تأويلا”. كما أمرنا العلي القدير أن نتعاون على البر والتقوى وألا نتعاون على الإثم والعدوان, وأمرنا أن نعتصم بحبل الله جميعاً “واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا, واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا, وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها, كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون” وقوله تعالى: “يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة” صدق الله العظيم. فهل آن الأوان لأن يعود الجميع إلى جادة الصواب والامتثال إلى أوامر الله سبحانه وتعالى والانقياد لأحكامه ونواهيه.. هل نستفيد من شهر رمضان المبارك محطة لمراجعة النفس الأمّارة بالسوء وفرصة ذهبية لالتقاء الجميع للحوار وتحقيق الوفاق والاتفاق وإصلاح ذات البين؟ ذلك ما نرجوه, فالحوار هو الوسيلة الحضارية والأسلوب الأمثل للخروج من الأزمة, وهو البوابة التي سيكون العبور الآمن من خلالها إلى التغيير المنشود والمستقبل الأفضل الذي نتطلّع إليه جميعاً في يمن الإيمان والحكمة, فالحوار هو الذي سيحقق الوفاق والتوافق بين اليمنيين, وسيجنبهم فتنة لا تحمد عقباها وكارثة لا يعلم إلا الله مداها. فحكّموا عقولكم وضمائركم, وضعوا مصلحة الوطن العليا فوق مصالحكم الحزبية والشخصية الضيقة.. ورمضان كريم.