أسعد الله أيامكم أيها القراء الأعزاء في رحاب يوم رمضاني جديد نجدد من خلاله اللقاء الأسبوعي معكم عبر صفحات “الجمهورية” الغراء التي عاتبني أحد الأصدقاء على الكتابة فيها بحجة أنها تخدم السلطة وتقف ضد ما يسمى بالثورة الشبابية وهو عتاب تقبلته من صديقي على مضض وخصوصاً أنه يدرك جيداً أن الإعلام الرسمي في أي بلد في العالم دائماً ما يكون منفذاً لبرامج وأهداف الحزب الحاكم الذي حصل على ثقة الشعب لإدارة شؤون البلاد ومن سابع المستحيلات أن تعمل هذه الصحف لحساب قوى المعارضة، فالعقل والمنطق يقولان بأن وسائل الإعلام الرسمية تخضعان لسياسة الدولة والنظام الحاكم والتي تنشد المصلحة الوطنية للوطن والمواطن، قد يحدث بعض التجاوز أو التعثر ولكن هذا لا يعني أن يجعل البعض من الكتابة في الصحف الرسمية واحدة من الكبائر التي تغضب الله ورسوله فهذا تطرف فكري وحزبي ممقوت وخصوصاً أن الصحف الرسمية لديها فسحات واسعة من الحرية وقد تجد فيها كتابات ناقدة ولاذعة من الصعب والمستحيل أن تقرأها في الصحف الحزبية والمستقلة، هناك تعبئة خاطئة ضد وسائل الإعلام الرسمية بصفة عامة وهناك حملة تحريض على مقاطعتها وتصويرها على أنها مصدر من مصادر الإضرار بالوطن، حيث تعتبر هذه الحملة واحدة من إفرازات الأزمة السياسية الراهنة. على العموم الإعلام الرسمي يؤدي الدور المنوط به بحسب السياسة المرسومة له من قبل الحكومة عبر وزارة الإعلام والمؤسسات الإعلامية ذات الاختصاص ولا يمكن الاستهانة بالأدوار التي تقوم بها هذه المؤسسات والتي لا تخلو من أوجه قصور مهنية لا يمكن إغفالها أو إنكارها وهذا شيء طبيعي بالنسبة للعمل الإعلامي الذي يتطلب إمكانيات هائلة لمواكبة القفزات النوعية التي يشهدها قطاع الإعلام بمختلف مجالاته، ولعل مايثير الضحك اليوم أن تصدر الاتهامات للإعلام الرسمي بعدم حياديته وانحيازه إلى صف السلطة من شخصيات إعلامية وصحفية محسوبة على المعارضة تدعي أن هذه الوسائل الإعلامية الرسمية ممولة من أموال وثروات الشعب وكأن الصحف الحزبية والمستقلة تمول من قبل الأحزاب والأشخاص متجاهلين الإعلانات والتهاني وأوجه الدعم الحكومي الممنوح للصحف من قبل وزارة الإعلام والذي وإن كان محدوداً إلا أنه يؤكد حرص الحكومة على استمرارية هذه الصحف رغم أنها تعمل ضدها ولا تخدمها من قريب ولا من بعيد، بل على العكس من ذلك تماماً فما تنشره أو تعرضه من أخبار ومواضيع وكتابات يستهدف الحكومة ويلحق الضرر بالوطن والمواطنين وخصوصاً تلك المعتمدة على الكذب والتدليس في إطار المكايدات السياسية والحزبية. وصدقوني أنني في صباح اليوم الثالث من الشهر الفضيل عزمت على تصفح العديد من الصحف والمواقع الإلكترونية والفضائيات المحلية المحسوبة على المعارضة والموالية والمناصرة لها من المستقلة في ترويستها والمعارضة في مضامينها و أطروحاتها،وذلك للوقوف على آخر المستجدات على الساحة السياسية المحلية ولا أخفيكم أنني صعقت من هول ما قرأت وشاهدت من أخبار وقضايا وكتابات وتحليلات وتقارير وتحقيقات واستطلاعات ومقابلات تشعر القارىء لها أن القيامة في اليمن قامت وان اليمنيين في انتظار مرحلة الحساب والعقاب، خلاص كل حاجة في الوطن سلبية ولا يوجد أي شيء إيجابي على الإطلاق، إغراق في تتبع السلبيات وإمعان في إغفال الإيجابيات وتفنن في الترويج للأزمات ومهنية فريدة في صنع الكثير منها،كافة العناوين تشاؤمية ومحتواها يصيب من يقرأها بالغثيان وقد تفسد عليهم صومهم، وقد تعرضهم لعاهة مستديمة أومرض مُزمن لا يوجد ما يدعو إلى التفاؤل بالمستقبل والثقة بالله عزوجل بأن القادم سيكون أفضل بمشيئة الله وأن بعد العسر يسراً وبعد الشدة رخاء وبعد الأزمة انفراج وللأسف الشديد وصل بهذه الوسائل الإعلامية التي تدعي أنها تسير على الصراط المستقيم أن تؤلب الشارع على الحكومة من خلال نشر الشائعات الكاذبة وأخبار الروايات وشهود العيان والمصادر الخاصة والمطلعة والمؤكدة والترويج لها على أنها عين الصواب وعين الحقيقة رغم أنها لا تمت إلى الحقيقة بأي صلة، المهم أن مضمون هذه الأخبار يخدم أهداف وتوجهات الأحزاب التابعة لها هذه الصحف،أو تابعة للشخصيات الممولة أو المالكة بالنسبة للصحف الأهلية، وصدقوني أنني حزنت كثيراً على الحالة التي وصلت لها وسائل الإعلام المحلية التي أصبحت معدومة الثقة لدى المواطنين لإغراقها في الكذب والضحك على “الذقون” والمشكلة أن هذه الوسائل تكذب وتواصل مسيرة الكذب على قدم وساق ومن شدة إغراقها في الكذب تصدق نفسها بأنها على الحقيقة والصواب معتمدة في ذلك على شعار “إكذب إكذب حتى يصدقك الناس” لا أعتقد أن هذه الدور هو المنوط بهذه الوسائل، مهمتها تتمثل في مراقبة عمل وأداء الحكومة والإشادة بماهو إيجابي والتنديد بما هو سلبي بأساليب تفرض على الحكومة التعاطي بمسؤولة مع هذه الأطروحات والعمل على تصحيح هذه التجاوزات ومعالجة الأخطاء الواردة حتمياً في أي عمل كان. ولا أخفيكم أنني أشفقت على الإخوة في بلدان الإغتراب الذين يتابعون مايجري في اليمن عبر هذه الوسائل والمخاوف التي تسيطر عليهم فور قراءة أو مشاهدة هذه الأخبار المفبركة والمبالغ فيها، وتأثير ذلك على حياتهم ومعيشتهم ووظائفهم في دول الاغتراب علاوة على تأثير ذلك على تدفق الاستثمارات الأجنبية والعربية إلى بلادنا ومايترتب عليه من خسائر باهظة على الاقتصاد الوطني والذي يعتمد على الاستثمار كرافد لدعم الاقتصاد الوطني وتعزيز البنية التحتية والقضاء على الفقر والبطالة، بالإضافة إلى تأثير ذلك على حركة الوفود السياحية إلى اليمن وعزوف الكثير من السياح عن زيارة اليمن استناداً إلى الصورة المرعبة والمخيفة التي رسمتها هذه الوسائل الإعلامية المأزومة عن اليمن في تغطياتها وتناولاتها الصحفية والإعلامية، كيف لا و قد صنعوا من الحبة قبة “ومن الحبل حنش” نكاية بالحكومة والسلطة والحزب الحاكم غير مدركين أن الوطن هو الخاسر الأكبر من وراء كل ذلك. فما ذنب الوطن حتى نتعامل معه بهذه القسوة ونقابل كل مكرماته لنا بهذا الجحود والنكران والعصيان والتمرد، من غير اللائق أن نستغل حرية الصحافة المتاحة في الإضرار بالوطن، وأنا هنا لا أطالب بأن تكون سياسة الصحف المعارضة صورة طبق الأصل في سياسة الصحف الرسمية ، بل أطالبها بأن تتحرى الدقة والمصداقية وتلتزم المهنية وتستحضر هويتها الوطنية وتحرص على عدم الإضرار بالمصلحة الوطنية وتغليبها على ما دونها من المصالح السياسية والحزبية والشخصية، فالجميع سيتضرر من تراجع تدفق المشاريع الاستثمارية وتوقف النشاط السياحي وقطع المساعدات التنموية الممنوحة لبلادنا من الدول المانحة فكيف يدعو بعض الكتاب إلى وقف المساعدات لبلادنا والبعض يروج لفرض عقوبات اقتصادية والبعض الآخر يدعو إلى الإساءة لعلاقات بلادنا مع بعض الدول الشقيقة والصديقة ؟!! أين ضمائر ووطنية هؤلاء ؟!! وإلى أين يريدون الذهاب باليمن واليمنيين؟!! إنهم بأعمالهم هذه أساءوا لرسالة الإعلام السامية والنبيلة وأوصلوا الناس إلى القناعة بأن هذه الوسائل الإعلامية لا تمتلك أي مصداقية ولا يمكن الاعتماد عليها ولا تصديق ماتذهب إليه حتى ولو كان يلامس كبد الحقيقة، لقد شوّهوا صورة الإعلام الوطني الصادق وأساءوا للأقلام الوطنية الصادقة وأوصلوا الناس إلى حد مقاطعة كل هذه الوسائل الإعلامية من صحافة وفضائيات وإذاعات ومواقع الكترونية، وهي مقاطعة باتت ضرورية للوسائل الإعلامية التي أدمنت على الكذب والدجل والافتراء وقلب الحقائق وتصوير الأشياء على غير حقيقتها وعلى القائمين على هذه الوسائل تصحيح مسارهم والالتزام بالمهنية والابتعاد عن الأساليب غير الأخلاقية التي أساءت لرسالة الإعلام مالم فلينتظروا ثورة الشعب عليهم ومقاطعته لهم من أجل المصلحة الوطنية. حفظ الله اليمن واليمنيين وأدام علينا نعمة الوحدة والأمن والاستقرار ولا عاش أعداء اليمن مع الأمنيات للجميع بصوم مقبول وذنب مغفور ودمتم سالمين. Fatah 777602977@yahoo. com