لم يأت الفكر السياسي على ذكر معارضة انتقامية كل همها الوصول إلى السلطة بالطرق غير المشروعة، ولم يسجل التاريخ معارضة لا تعرف إلا مصطلح “لا” وربما لا تعرف له معنى، ولا تحسب له أثراً، وكأنها ما وجدت إلا لتقول: لا فقط. في حديث مع إحدى الفضائيات وجدت حالة من الهلع على استخدام بعض المصطلحات التي تقضي على الحياة وتحيل الكون إلى رماد، ولم أجد ما يبرر تلك المصطلحات، وعندما حاولت أوجه السؤال عن السبب من تكرار تلك المصطلحات الهمجية والعدمية لم يجد من القائمين على تلك الفضائية غير التلعثم وعدم المصداقية، وهنا نحاول توجيه السؤال إلى الذين نعتقد أنهم مستنيرون فكرياً وسياسياً وثقافياً: هل العدمية باتت منهج حياة لدى المعارضة؟ وهل هذا المنهج يحقق الأمن والاستقرار؟ ويصون الكرامة الإنسانية؟ إن العدمية دليل على الإفلاس وعدم القدرة على الحوار، ودليل على الفشل الذي يلاحق بعض عناصر المعارضة، ودليل على الوقوع في شرك الارتهان للغير، وعدم القدرة على امتلاك القرار، ودليل على انعدام الحرية واغتصاب الإرادة، وأن تلك العناصر لا تمتلك قرار نفسها، وأنهم مجرد أدوات تحرك من الغير وفق إرادة الغير لخدمة الغير. إن العدمية ورفض الحوار سلوك لا يمت إلى التحرر من الارتهان بصلة، بل يدل على عدم امتلاك الإرادة الذاتية وسيطرة الغير عليها، وأن تلك العناصر باتت مسيرة وليست مخيرة، الأمر الذي يتطلب التنبه له، والعمل على تفويت الفرصة على الحاقدين على اليمن “الأرض والإنسان والدولة”، الذين اغتصبوا إرادة تلك العناصر وسلبوا حريتهم وصادروا حقوقهم وفرضوا عليهم مصطلح “لا” وأرادوا من خلالهم اغتصاب الإرادة الكلية للشعب وسلب الحرية وتحويل الحياة إلى استعباد وإذلال وتنكيل وجحيم. إننا في هذا الشهر الكريم مازلنا نرى داخل اللقاء المشترك عقلاء ونبلاء وشرفاء وأمناء لا يمكن أن يقبلوا على أنفسهم أن يكونوا مجرد أدوات تحرك لتخريب البلاد والعباد، ولابد لصوت الحكمة والإيمان أن يظهر فيهم من أجل الوصول إلى كلمة سواء خدمة للدين والوطن بإذن الله.