في إحدى قصص الحيوان كان هناك غراب عدَّ نفسه ذكياً ذكاء شديداً؛ ورأى أن من الخير ألا يكون له موقف في الحياة غير الموقف الذي يخدم مصالحه. فلقد جرت ذات مرة معركة بين حدأة وصقر، اتهم فيها الصقر الحدأة بأنها دائماً تحاول خطف فراخه الصغار، فطلب إلى الغراب أن يتوسط في الصلح. قال: الغراب أريد أن أقابل كل طرف على حدة، فقابل الصقر أولاً. فقال الصقر: إن هذه الحدأة متهورة جداً، فهي تؤذي كل الطيور حتى فراخي لا تسلم من أذاها، والحل عندي يا سيدي الصقر هو أن تلقّنها درساً لتكون لمن يخطف الفراخ من أمثالها آية. قال الصقر: نِعم ما قلت؛ ولكني أخشى من عقاب شيخ الطيور مولانا النسر - أيّده الله وحفظه - فلأنه يثق فيك، ويعتد بشهادتك لابد أن تدلي بشهادتك عنده. قال الغراب: ولكني أرجو أن توقّع لي مرسوماً يقضي أن أكون مديراً عاماً على موارد مدينة الغراب. قال له الصقر: لقد عيّنتك المرة الأولى مديراً للاستيراد والتصدير، وعيّنتُ ابنك الغراب الراشد للجمارك، وزوجتك للادخار والتأمين. قال الغراب: جزاك الله خيراً؛ ولكني أحرص على حفظ مدينة الغراب من العبث.. فوافق الصقر ووقّع المرسوم. وفي طريق الغراب للشهادة قابلته الحدأة وقد علمت أن الغراب ذاهب للشهادة ضدها. قالت الحدأة للغراب: سيدي الغراب - حفظكم الله - ما رأيك في سلوكي؟!. قال الغراب: نِعم الحدأة أنت. قالت الحدأة: وبماذا تنصح؟. قال: أنصح أن تواصلي هجومك على الفراخ، فالصقر شرير جداً وأناني جداً، المهم أن تكوني حذرة جداً. قالت الحدأة: ولكني أطلب شهادتك أمام شيخ الطيور. قال: لابد قبل ذلك أن توقّعي لي تعهداً بأن تخطفي لي كل يوم سمكة سمينة تكفيني وعيالي، فوافقت الحدأة. ذهب الغراب إلى شيخ النسور وقال له: يا سيدي ومولاي؛ أرجو أن تسجن كلاً من الحدأة والصقر؛ فكلاهما مؤذيان، ثم بعد أن يذوق كلاهما عذاب السجن لابد أن تصدر مرسوماً ليكونا تحت تصرّفي، فأنت في أمس الحاجة إلى الغذاء الوفير؛ ولا يمكن أن يأتي الخير من صقر متغطرس وحدأة متهورة!!.