اختص الله سبحانه وتعالى صوم رمضان بمنزلة كبرى وثواب عظيم إذ يقول في حديث قدسي: “كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به”، وهكذا أفاء الله على عباده في ليالي رمضان وأيامه من فضله فضاعف فيها الحسنات وأجزل فيها العطاء وتفضل فيها على عباده التائبين بعظيم الغفران. رمضان أيامه صيام ولياليه قيام ويتسابق المؤمنون للتزود من حسناته وعطاياه، والصوم هو عبادة روحية تسمو بصاحبها عن الماديات وترتقي به عن الشهوات، ولذا نحمد الله القادر المقتدر أن وفقنا لاستقبال ضيفنا الكريم شهر رمضان المبارك ونسأله جلت قدرته كما بلغنا شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن أن يوفقنا لصيام نهاره وقيام لياليه والفوز بجوائزه الربانية التي وهبها جلا جلاله منحةً سنوية منه لعباده الصائمين. نعم لقد قضينا مع ضيفنا الكريم شهر رمضان المبارك ثلثه الأول وقد منح الله الصائمين في العشر الأولى جائزة الرحمة، ونوشك على توديع الجزء الثاني وهي العشر الوسطى التي منح الله الصائمين فيها جائزة المغفرة، ونستقبل ثلثه الأخير وهي العشر الأخيرة وفيها جائزة العتق من النار، فيا سعد من استغل رمضان بالعبادة والصوم والدعاء والتقرب الله سبحانه وتعالى وفاز بجوائزه العظيمة جائزة الرحمة وجائزة المغفرة وجائزة العتق من النار وهناك الجائزة الكبرى التي يتنافس عليها الصائمون طوال شهر رمضان وهي جائزة ليلة القدر وتعادل ألف شهر، هذه الجائزة العظيمة جعلها الله سبحانه وتعالى في ليلة كاملة من ليالي رمضان من أوله إلى آخره ولم يحددها بليلة من الليالي حتى يتحراها الصائمون طوال الشهر فمن اجتهد في تحريها منذ أول ليلة من ليالي رمضان حتى آخر ليلة كان احتمال فوزه مؤكداً أكثر من الذي اجتهد في العشر الأواخر من رمضان فقط، وهذا الصائم الذي اجتهد في العشر الأواخر من رمضان كان احتمال الفوز بها أكثر من الذي اجتهد في الوتر من هذه العشر الأواخر، ومن اجتهد في الوتر من العشر الأواخر كان احتمال الفوز بها أكثر من الذي اجتهد في ليلة سبع وعشرين من رمضان وهكذا جعلها الله سبحانه وتعالى ليلة من ليالي رمضان غير معلومة حتى يتنافس عليها الصائمون في العبادة والصوم والدعاء والتقرب من الله جلا جلاله. وهناك أيضاً جوائز رمضانية يومية وهبها الله سبحانه وتعالى للصائمين ومنحها لأمة محمد صلى الله عليه وسلم خلال أيام شهر رمضان المبارك وهي أن للصائم عند الله دعوة لا ترد في كل يوم من أيام رمضان، أيضا أن لله عتقاء من النار في كل ليلة من ليالي رمضان فيسابق الصائم أن يكون من هؤلاء العتقاء، أيضاً هناك باب في الجنة اسمه باب الريان لا يدخل منه إلا الصائمون فقط. كل تلك هي جوائز ربانية وهبها الخالق لعباده الصائمين فلنسأل أنفسنا جميعاً كم حصدنا من هذه الجوائز، ومن تقاعس وتكاسل فما زالت الفرصة سانحة فعليه أن يلحق بالركب ويحصد ما تبقى من الجوائز الربانية الرمضانية التي لا تأتي إلا مرة في كل عام.