• لا أعتقد أن أحداً منا عاش خلال شهر رمضان الكريم بعيداً عن أجواء القلق، كما لا أعتقد أن واحداً من أبناء اليمن أكان كبيراً أم صغيراً، رجلاً أو امرأة لم يتوقع أن تنتهي أحداث هذه الأزمة التي نعيشها منذ سبعة أشهر تقريباً في هذا الشهر الفضيل شهر رمضان المعظم.. أيام قلقة عشناها شبيهة بتلك الأيام التي عشناها قبل رمضان؛ بل ربما يكون القلق المعيش في هذا الشهر زاد وتضاعف مرتين أو أكثر عن أيام العمر السابقة.. ولا ألحق الله الخير بمن فرض علينا هذه الأجواء المميتة والقاتلة. جاء رمضان ومضى رمضان ونحن مازلنا نعيش في تلك الأجواء المليئة بالقلق، ومازالت بشائر الخير بعيدة ولم تهل ريحها بعد..، ويبدو أنها لن تهل إلاّ بعد مزيدٍ من القلق أو بعبارة أصح بعد أن تشتعل الحرائق في كل أجزاء الوطن!. • خلال رمضان المليء بالقلق والأوجاع والآلام سمعنا من يكرر دعوته إلى الجلوس على طاولة الحوار.. طاولة الوطن للخروج من هذه الأزمة بأقل الخسائر والتكاليف، كما سمعنا من ذهب يمتطّي ظهر العنف ويهدد ويتوعد بإحراق البلد وقطع الماء والهواء عن أبناء الشعب سبيلاً للوصول إلى غاياته وأهدافه والوصول باليمن واليمنيين إلى الهاوية إرضاءً لنزواته ومغامراته الطائشة التي لا تضع في اعتبارها مصلحة البلد أو مصلحة هذا الشعب المنكوب بمثل هؤلاء الرافضين للسلام.. الرافضين للأمن والاستقرار.. والرافضين للشراكة الوطنية وإبعاد شبح القادم الأسوأ الذي يبشرون به أبناء الشعب!. كنا نتمنّى أن تنتهي خلال أيام وليالي هذا الشهر الفضيل لغة الحقد والكراهية التي تعيش في النفوس..، وتنتهي لغة “الأنا” القاتلة التي كلفت اليمن واليمنيين الكثير من الأرواح، والكثير من الخسائر لاسيما في الجانب الاقتصادي. كنا نتمنّى أن يكون رمضان فاتحة لكتاب يماني جديد عنوانه الاتفاق والتوافق والشراكة الوطنية التي همها اليمن، ثم اليمن، ثم اليمن. كنا نتمنّى أن يجتمع اليمنيون في هذا الشهر الكريم على كلمة سواء.. كلمة عنوانها اليمن وكفى..، نحتضنها أملاً وبشرى، ونزرعها في مآقينا حلماً لا يأفل، وفي قلوبنا حباً لا يذبل، وفي نفوسنا إيماناً لا يتزعزع أو ينكسر. كنا نتمنّى أن تعلو راية اليمن في هذا الشهر المعظم وأن يعلو اسم اليمن فوق هاماتنا.. اليمن التي نستلهم منها بقاءنا، والضوء الذي يمدنا بالنور.. ومن فيض مائها الغزير نرتوي ونستمر في الحياة. كنا نتمنّى أن يختار السياسيون اليمن التي ينتمون إليها على مشاريعهم الصغيرة ونزواتهم الحقيرة، وأحلامهم وآمالهم القاتلة. اليمن الكبيرة بتاريخها، والعظيمة بأبنائها والطاهرة بترابها ومائها وطبيعتها..، والساحرة في عيون زائريها ومحبيها. • هي اليمن من كنا نتمنّى على السياسيين وفي هذا الشهر الفضيل الانتصار لها، والاجتماع عليها.. يمن المحبة والخير والوفاء، يمن الإيمان والحكمة اليمانية التي عمّ نورها كل الأرض، وأسكنت محبتها كل القلوب، وزرعت أبجديات وحروف وعناوين السلام في كل الأصقاع والدروب. هكذا تمنّينا في شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.. ولكن كانت أمنيات من سراب..، أمنيات أثخنها السياسيون وتجار الحروب بالأوجاع والآلام والمزيد من القلق المميت. • ماذا تبقى لنا ونحن لم نستطع أن نجتمع على الحق في هذا الشهر الفضيل؟.. وماذا تبقى من كلمات لم يُسمعنا إياها رجال السياسة وعقلاؤها ودهاتها بعد، وقد سمعنا منهم في رمضان ما يبكي القلوب ويدمي العيون، ويدفع الآخرين من شعوب الأرض للتأسي علينا وكتابة المراثي على اليمن التي أدمى نفر من اليمنيين قلبها وقادوها إلى الهاوية. جاء رمضان وانتهى وذهب سراباً ولم نستفد من روحانيته وآياته ودروسه العظام، وكتب علينا السياسيون بفضل عنادهم وغرورهم أن نستمر في حياة الخوف والقلق أياماً أخرى من العمر. ومع هذا الألم الذي نعيشه وفي ظلال عيد الفطر المبارك نسأل الله أن يخرجنا مخرجاً جميلاً، فهو القادر على كل شيء. [email protected]