عندما يكون تفكير المرء محصوراً في فكر منغلق لا يقبل التأمل والتفكر في خلق الله، ولا يرى إلا ما يمليه عليه أصحاب ذلك الفكر، ولا يقبل بالحوار، يتحول إلى مجرد آلة تسيرها قوى نفعية لا ترى نفسها إلا في الأزمات الخانقة والمواقف الحاقدة، وقد أظهرت الأزمة السياسية الراهنة حالة أولئك الذين قبلوا على أنفسهم أن يكونوا مجرد آلة تحرك من الغير، ولا يعرفون ما الذي يفعلوه هل هو نافع أم ضار؟ وهل يتفق مع كتاب الله وسنة رسوله الكريم أم يخالفهما؟ إننا اليوم في أمسّ الحاجة إلى الفكر المستنير الذي يعالج مشاكل الغلو والتطرف والإرهاب؛ لأن ما حدث قد برهن أن أصحاب المنافع والمصالح وتجار الحروب هم من يحركون تلك الآلات ويدفعون بأولئك المغرر بهم إلى الهاوية، بهدف الانتقام لأحقادهم الشخصية ومنافعهم الذاتية على حساب المصالح العليا للبلاد. وقد برهنت الأزمة السياسية أن المنتفعين من الأزمات لا يؤمنون بالمصالح العليا، ولا يعترفون بحقوق المواطنين، ولا يريدون للناس كافة العيش في سلام. إننا نناشد العقلاء في اللقاء المشترك الذين يرفضون العنف والغلو والتطرف والإرهاب أن يبرهنوا على صدق ما يقال عنهم، وأن يغلبوا مصالح البلاد والعباد على المصالح الذاتية، وأن يظهروا حكمتهم وإيمانهم من أجل إخراج البلاد من هذه الأزمة التي افتعلتها القوى النفعية داخل اللقاء المشترك. إن ما قد حدث من قتل واعتداء وقطع للطريق قد برهن بما لا يدع مجالاً للشك أن القوى الحاقدة على البلاد والعباد هي المستفيد الوحيد من هذه الفتنة، ولذلك ينبغي على الكافة التنبه والحذر وعدم الانجرار خلف النعرات والأصوات النشاز التي تدعو إلى الفتنة والخراب والدمار، وأن تبذل الجهود الوطنية الصادقة من أجل تبصير المغرر بهم المدفوعين إلى الهاوية، وأن يقف الجميع موقفاً وطنياً واحداً من أجل الأمن والاستقرار والوحدة والحفاظ على الشرعية الدستورية وحماية التجربة الديمقراطية؛ لنتجاوز هذه الأزمة ومخلفاتها بإذن الله.