رُغمَ كلِّ ما جرى ويجري من تخريبٍ وفوضى وإنهاكٍ لمقدّرات الوطن منذ ثمانية أشهر وما سبقها من إرهاصات وتباينات راكمت هذا التنافر والتباين وعمّقت من شرخ الأزمة, إلاَّ أن بعض القيادات الحزبية والمتعطشة للسلطة تواصل عملياتها الاستنزافية وتعبئة أنصارها والمخدوعين بشعاراتها لجرِّ الجميع إلى مواجهةٍ مفتوحةٍ تأتي على الأخضر واليابس دون النظر إلى مصير اليمن وشعبها وما ستؤول إليه الأوضاع جرّاء أي انتكاسة من هذا النوع .. قبل قرونٍ مضت تفرّقت أيادي سبأ بسبب فأر دمّر سد مأرب واليوم هاهم بنو جلدتنا يتسابقون على إظهار عنترياتهم واستهتارهم بالآخرين وفتاواهم التي تبيح القتال وتحرّض على العنف وتدعو للفرقة والبغضاء والشحناء .. وهؤلاء باعتقادي ومن خلال أعمالهم وتصريحاتهم المُنفّرة لا يملكون أيَّ رؤية إستراتيجية للمستقبل كما أنهم لم يقرأوا التاريخ علَّهم يعتبرون فقط ولو بالمقولة الشهيرة « تفرّقت أيادي سبأ » ليعيدوا النظر في حساباتهم الخاطئة ويعملوا على رأب الصدع الجاري لتجنيب البلد الدخول في المنزلق الخطير الذي تتدحرج إليه . أخشى ما أخشاه أن تكون فعلاً دعوةُ أحدِ أجدادنا الحمقى كما سبق وذكر ذلك أستاذنا القدير عبد الله الصعفاني قد أصابتنا منذ الأزل عندما قال «ربنا باعد بين أسفارنا» ولا يزال صدى هذه الدعوة ومفعولُها قائماً حتى اليوم، لكننا نؤمن إيماناً مطلقاً بالعدالة الإلهية «ولاتزِرُ وازرةٌ وِزرَ أخرى» في أن يجنبنا الله هذه الفتنة الملعونة .. ومع ذلك نجدّدُ دعوتنا لجميع الفرقاء السياسيين أن يتقوا الله في الوطن وأن يبتعدوا عن العناد والمكابرة ويأتوا إلى كلمة سواء من خلال الحوار وتقديم التنازلات وان ينظروا إلى معاناة المواطنين التي تتضاعف كلما زاد أمد هذه الأزمة، وان يعتبروا بما جرى ويجري لبلدان شقيقة, وكذلك ألاّ يُراهنوا على الآخر شقيقاً كان أو صديقاً لأن تلك الرهانات لها ما بعدها من التداعيات التي سيكون ثمنُها باهظاً.. أرجو أن يحافظوا على شهادة النبي الكريم لشعبنا بالحكمة والإيمان قبل أن تصبحَ هذه الأرضُ الطيبةُ مسرحاً للانتقام بين الإخوة ومرتعاً للتطرف والإرهاب والقتل والتدمير، أم أنّهم يُريد ون أن نظل “أحاديث للناس” كما ظلينا قرونا لولا ما كرمنا به سيّدُ الخلق صلى الله عليه واله وصحبه وسلم من شهادات أعادت لنا كرامتنا وجعلت الآخرين يحترمونا.. أيُّها السياسيون : تذكّروا أنَّ فوق الجميع ربّاً يعلمُ خائنةَ الأعين وما تُخفي الصدور، فدماءُ الناس وأرواحُهم وممتلكاتُهم حرامٌ حرامٌ حرام، وكل من استهان أو حرّضَ أو سفك دماً حراماً أو أضرَّ الآخرين إن نجا من عقاب الدنيا، لن يفلت من عقاب القوي العزيز في الآخرة.. أيُّها السياسيون : نستحلفكم بالله أن تجمعوا أيادي سبأ، ولا تفرّقوها، دعوا التاريخ والأجيال يذكرونكم بالخير، ولا تُحمِّلوا هذا البلد الذي ائتمنكم على ثرواته وخيراته وممتلكاته أكثر مما يحتمل، قبل فوات الأوان، والله المستعان.. [email protected]