في كل بلدان العالم وفي كل جامعات العالم يحظى الأستاذ الجامعي بمكانة عالية وتقدير واحترام الفرد والمجتمع باعتباره العنصر الأساسي والمهم في بناء الإنسان وتنمية معارفه ومهارته وتحقيق التقدم والنهوض بالمجتمع في مختلف مجالاته. ولهذا تولي هذه البلدان وجامعاتها أهمية كبيرة بأساتذة الجامعات وتعمل كل ما من شأنه توفير البيئة المناسبة لهم لتركيزهم على أداء مهامهم البحثية والأكاديمية بجودة عالية. فأستاذ الجامعة في هذه البلدان والجامعات لا يمكن أن تجده في أروقة إدارة الجامعة أو أمانتها العامة كالمتسول يحمل أوراقاً متهالكة من كثرة التوقيعات والمراجعة للحصول على مستحقاته المالية أو الأكاديمية القانونية وينتظر بالساعات توقيع وموافقة موظف إداري قد لا يحمل مؤهلاً جامعياً أو حصل على الشهادة الجامعية بشق الأنفس. لكن ظروف الزمن المعكوس وبركة دعاء الوالدين مكنته من الوصول إلى منصب إداري رفيع في الجامعة يمارس من خلاله مختلف أشكال المهانة والاستهتار و المماطلة مع أساتذة وعلماء يفترض أن تأتيهم مستحقاتهم كاملة إلى مكاتبهم في كلياتهم وأقسامهم العلمية دون أي معاناة أو تأخير طالما توافرت كل المسوغات والأولويات المتنوعة للحصول على هذه المستحقات. لأن هؤلاء الأساتذة والعلماء مكانهم الطبيعي والدائم قاعات المحاضرات ومعامل الأبحاث وأقسامهم العلمية في كلياتهم وجامعتهم يتفرغون فيها للعمل البحثي والأكاديمي بينما يتوجب على مدير الإدارة هذا ومن معه من الموظفين التفرغ لأداء مهامهم الإدارية وانجاز ما يتصل بمعاملات ومستحقات أساتذة الجامعات بسهولة وسرعة دون تعقيد أو مماطلة. لقد أخذتني الدهشة والاستغراب عندما سمعت من أحد الموظفين في الشئون الأكاديمية بإحدى جامعاتنا الحكومية وهي الجهة المسئولة عن متابعة وانجاز ما يتعلق بأساتذة الجامعات من مستحقات يشكو بمرارة ما لقاه من تأنيب وتوبيخ وكلام قاسٍ وجارح من أحد القيادات الإدارية في هذه الجامعة حين عرض عليه أوراق معاملة تتعلق بمستحقات مالية قانونية تخص احد أساتذة الجامعة , لم يتمكن هذا الأستاذ من استكمالها بنفسه نتيجة ازدحام جدوله الأسبوعي في القسم والكلية التي يعمل بها في هذه الجامعة بالمحاضرات والمهام الأكاديمية فأعطاها إلى هذا الموظف المختص لاستكمالها وتوقيعها لدى هذا المسئول الإداري الذي لا يروق له سوى رؤية الأستاذ الجامعي أمامه يلتمس رضاه وموافقته على توقيع معاملته ويمارس رياضة الهبوط و الصعود في سلالم الأمانة العامة للجامعة والتنقل والانتظار في أروقة المكاتب الإدارية بالجامعة دون مراعاة لعلمه ودرجته الأكاديمية أو سنه وظروفه الصحية، فالعديد من أساتذة الجامعة مصابون بالسكر والضغط وأمراض أخرى فهل تستدعي أي معاملة إدارية لأي أستاذ بالجامعة أن يعطي طلابه إجازة مفتوحة من محاضراته ويترك القسم والكلية ليبدأ مشاوير الجعجعة والبيروقراطية في انجاز هذه المعاملة الإدارية، أم أنه من المفروض أن يسلم الأستاذ الجامعي أوليات أي معاملة تخصه إلى الموظف الإداري المختص في الكلية أو الجامعة أو سكرتارية متخصصة باستقبال المعاملات في إدارة الجامعة والأمانة العامة ويحصل على كرت يتضمن رقم وتاريخ تسليم هذه المعاملة وموضوعها والوقت المتوقع لاستلامها بذات الكرت، كما هو معمول به في العديد من الجامعات المتقدمة. في الأخير أتمنى من القيادات العليا في جامعاتنا الحكومية أن تعمل على وضع نظام إداري فعال وحديث وراقٍ لتسيير العمل الإداري وإنجاز مختلف المهام والمعاملات الإدارية لأعضاء هيئة التدريس بالجامعة وتعيين الكوادر المؤهلة علمياً وإدارياً وأخلاقياً للمناصب الإدارية الحساسة وذات العلاقة بشؤون أعضاء هيئة التدريس ومستحقاتهم وتدريب هذه الكوادر على مهارات الإدارة الحديثة وفن التعامل مع الآخرين وخصوصاً أساتذة الجامعة باعتبارهم علماء وباحثين وليس مراجعين أو متسولين !!! (*)أستاذ التسويق المساعد جامعة تعز [email protected]