من البداهة بمكان أن الفوضى التي تطال أي بلد في مؤسساته الرسمية وهيئاته المدنية والاجتماعية إنما هي نتاج فوضى المنزل والأسرة على وجه التحديد. فنحن معشر العرب والمسلمين - من بين الناس كافة - غير مهتمين بالنظام حتى على مستوى المطبخ وغرف الجلوس والنوم، ولا أدري ما هي الصلة أن توجد بعض كراسات الطالب أو الطالبة في الحمام!!. كما لا أدري ما هي مبررات ربة الأسرة أن يكون مجفف الشعر في صالة الاستقبال، ولا ما هو مبرر الأب زعيم الأسرة أن يتناول غداءه في غرفة النوم. ثم إن الأب والأم ليس بإمكانهما في مثل هذا النظام غير العالمي أن يلوما أطفالهما الكبار والصغار إن هم قاموا بفصل تعسفي بين ملابسهم ليكون القميص في غرفة «الراشان» مخزن الأسرة، وتكون البناطيل في درج المنزل أو مرمية في الحجرة. أمور كثير منا تسير على هذا النحو في المنزل، ثم إذا بها تنتقل سريعاً إلى وزاراتنا ومؤسساتنا. فالوزير يتدخل في شؤون الموظفين، ورئيس المخابز يتدخل في أمور المشافي، ومؤسسة الكهرباء تتدخل في شئون الأوقاف، والأوقاف يستأجر الأوقاف، والجمارك يقوم كما يقال في الأحلام والأفلام بالتهريب !!. والتجار يذلّهم المهربون، وبدورهم يذلُّون الناس، والعسكر بدون مدن سكنية، والمدن الرئيسة بدون مياه. ولم يعد الاحترام والطاعة الشرعية للأزواج، وقوامة الرجال على النساء بما يحفظ حقوقهن تكاد تنعدم، والذهب معظم محلاته تقوم بالغش، وأموال الدولة نُهبت، والربا باسم الدين ينتشر!!. والأمل بإنهاء الفوضى قائم.