خطوة في طريق التعافي الاقتصادي    اقتصاد الظل في الطيران المدني: المال الطائر... بلا رقيب التشخيص العالمي والحلول العربية    ضمت 85 مشاركة.. دائرة المرأة في الإصلاح تختتم دورة "التفكير الاستراتيجي"    رايتس رادار تدين حملات الاختطافات الحوثية في إب وتطالب بالإفراج عن المختطفين    خبير في الطقس يتوقع موجة أمطار جديدة تشمل اغلب المحافظات اليمنية    خبير نفطي يكشف معلومات جديدة عن ظهور الغاز في بني حشيش ويحذر    أما الدولة وسلطتها.. أو هائل سعيد وبلاطجته هم الدولة    مافيا "هائل سعيد".. ليسوا تجار بل هم لوبي سياسي قذر    قتلة وجلادي أمن مأرب يزهقون حياة طفل يتيم عمره 13 عاما    غزة: 20 شهيداً إثر انقلاب شاحنة محملة بالغذاء تعرضت لقصف صهيوني    مصرع 4 ركاب في تحطم طائرة نقل طبية بولاية أريزونا    زيدان يقترب من العودة للتدريب    اجتماع طارئ وقرارات مهمة لاتحاد السلة    المواجهة مع هائل سعيد.. آخر معارك الوحدة اليمنية اللعينة    ذا كرديل تكشف عن الحرب الإلكترونية الأميركية الإسرائيلية على اليمن    تخرج 374 مستفيدًا ومستفيدة من مشروع التمكين الاقتصادي بمحافظتي تعز ولحج    رئيس هيئة مستشفى ذمار يعلن تجهيز 11 غرفة عمليات وعناية مركزة    الأبجدية الحضرمية.. ديمومة الهوية    لاعب برشلونة يوافق على تجديد عقده    اعتراف صهيوني: اليمن بدّد هيبة أمريكا في البحر    طيران اليمنية لا تعترف بالريال اليمني كعملة رسمية    هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُنتج نكاتا مضحكة؟    رسميّا.. حرمان الهلال من سوبر 2026    كأس آسيا.. الأردن تكسب الهند والعراق يخسر أمام نيوزيلندا    لا قضاء ولا قدر في اليمن    سفير إسرائيلي سابق يطالب ماكرون بفرض عقوبات فورية على إسرائيل وعزلها جغرافيًا    من ضمّني لن أتركه وحده.. وكلمة السامعي بلاغ رسمي قبل السقوط!    عدن.. البنك المركزي يعلن سحب تراخيص منشأتين جديدتين للصرافة ويغلق فروعهما    حجة.. وفاة امرأة وإصابة طفلة بصاعقة رعدية    أسبانيا تُفكك شبكة تهريب مهاجرين يمنيين إلى بريطانيا وكندا باستخدام جوازات مزوّرة    اجتماع أمني بالعاصمة عدن يبحث تنظيم العمل وضبط السوق السوداء    ستبقى "سلطان" الحقيقة وفارسها..    أياكس الهولندي يتعاقد مع المغربي عبدالله وزان حتى 2028    فريق شباب الحزم يتوج ببطولة العدين الكروية بنسختها الرابعة    مقتل مرتكب المجزرة الاسرية بإب    انتشال جثث 86 مهاجرًا وإنقاذ 42 في حادثة غرق قبالة سواحل أبين    لا تليق بها الفاصلة    النفط يتراجع وسط تصاعد المخاوف من فائض المعروض    اتهامات لمليشيا الحوثي بخطف نجل نائب رئيس مجلس النواب السابق في صنعاء    تعز.. اختتام دورة الرخصة الآسيوية (C) لمدربي كرة القدم    حملة رقابية لضبط أسعار الأدوية في المنصورة بالعاصمة عدن    وزارة الزراعة تناقش استعدادات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف    فعالية احتفالية بذكرى المولد النبوي بذمار    إصابات إثر تصادم باصين للنقل الجماعي بمحافظة حضرموت    عدن.. البنك المركزي يحدّد سقف الحوالات الخارجية للأغراض الشخصية المُرسَلة عبر شركات الصرافة    أيادي العسكر القذرة تطال سينما بلقيس بالهدم ليلا (صور)    النائحات المستأجرات    ( ليلة أم مجدي وصاروخ فلسطين 2 مرعب اليهود )    الحديدة: فريق طبي يقوم بعمل معجزة لاعادة جمجمة تهشمت للحياة .. صور    رئيس الوزراء: الأدوية ليست رفاهية.. ووجهنا بتخفيض الأسعار وتعزيز الرقابة    تضهر على كتفك اعراض صامته..... اخطر انواع السرطان    تعز تتهيأ مبكرا للتحضير للمولد النبوي الشريف    رجل الدكان 10.. فضلًا؛ أعد لي طفولتي!!    توظيف الخطاب الديني.. وفقه الواقع..!!    الراحل عبده درويش.. قلم الثقافة يترجل    مرض الفشل الكلوي (15)    من أين لك هذا المال؟!    تساؤلات............ هل مانعيشه من علامات الساعه؟ وماذا اعددناء لها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



انطباعات عن رئيس وأعضاء حكومة الوفاق الوطني 1-2
نشر في الجمهورية يوم 30 - 12 - 2011

يقول الرئيس علي عبدالله صالح إنه تعرّف على الأستاذ محمد سالم باسندوة عام 1970، أي قبل ثماني سنوات من تولّي صالح الرئاسة في شمال اليمن.. هذه طبعاً رواية الرئيس حسب آخر مؤتمر صحفي له عقده في دار الرئاسة.. أما رواية الأستاذ باسندوة فربما تكون مختلفة، ولم نسمعها منه بعد.. ولكن على الأرجح أن ما يتذكره صالح غير ما يتذكره الأستاذ باسندوة, ولهذا فإن المقابلة الأولى بينهما سوف تختلف وفقاً لاختلاف ما علق بالذاكرة.. وعلى سبيل المثال ومن تجربتي الشخصية الخاصة فقد قابلت الأستاذ باسندوة في أوائل الثمانينيات ومازلت أذكر الكثير من تفاصيل اللقاء، لأن باسندوة كان من أهم الشخصيات اليمنية وقت اللقاء، لكني كنت شاباً صغيراً عديم الأهمية ومن الطبيعي ألا يتذكر الأستاذ لقاءه بي لأنه يقابل العشرات أمثالي كل يوم، ولا يوجد لدينا ما نتركه في ذهنه من انطباع مميز.. وما ينطبق عليّ من المؤكد أنه ينطبق على الشاب علي عبدالله صالح الذي كان برتبة ملازم أول فخري أو نقيب فخري على الأكثر في بداية السبعينيات.
وأذكر أني في أوائل الثمانينيات دعيت إلى مأدبة غداء مختصرة في صنعاء بمنزل الوالد جبر بن جبر حسن أحد رجال ثورة سبتمبر المعروفين، أقامها على شرف الأستاذ محمد سالم باسندوة، معالي رئيس الوزراء الحالي، أو كما كان يحب أن نسميه منذ تلك الأيام ومازال “العم محمد”.
لم أكن أعرف العم محمد حينها إلا من التلفزيون، ولم أتحمس لحضور الغداء بسبب وجود العم محمد وإنما لأني توقعت حضور الوالد المرحوم المشير عبدالله السلال الذي كانت تربطه صداقة حميمة وتاريخية مع صاحب الدعوة، حيث كان كثيراً ما يتردد على منزل الوالد جبر بن جبر منذ أن عاد من القاهرة للاستقرار في الوطن، وكنت متشوقاً لتوجيه بعض الأسئلة التاريخية والسياسية له، ولكن لم أعد أذكر ما الذي منعه من حضور تلك المأدبة.. لم أكن وقتها قد قررت دراسة الصحافة ولكن كان لدي ميول للتعرف على الكبار وتوجيه الأسئلة والاستفسارات عن تجاربهم السياسية.. وقبل الغداء كنت قد جهزت في دماغي مجموعة من الأسئلة للمشير السلال كانت تدور بخلدي في ذلك الوقت المبكر من مرحلة الشباب، لكني قررت أن أحول بعضها إلى العم محمد.. وعلى ما أذكر أني اكتفيت بسؤال واحد أو سؤالين، ولم أزد عنهما أي شيء لأن حديث العم باسندوة كان غزيراً وثرياً أعفاني عن توجيه أسئلة لأن حديثه كان يتدفق تلقائياً بما ينم عن أنه شخصية مثقفة ذات اطلاع واسع. وفوق هذا وذاك كان يجيد قواعد اللغة العربية التي يفتقد إليها معظم السياسيين اليمنيين عندما يتحدثون مع خلق الله، ودائماً ما يذكر مستمعيه بأنه مارس مهنة الصحافة فترة من حياته ويقدر مهنة الصحافي.. تساءلت في نفسي وأنا أستمع إليه، لماذا لا يكون هذا الجنوبي هو رئيسنا في الشمال، ألم يسمح الجنوبيون لعبدالفتاح اسماعيل وهو شمالي بالوصول إلى أعلى منصب في الشطر الجنوبي، فلماذا لا نكون مثلهم؟!.
أجبت عن تساؤلي بنفسي وأنا صامت حتى لا يسمع همهمتي أحد بقولي لنفسي إننا في الشمال أكثر وحدوية من الجنوبيين، والدليل على ذلك أننا لم نسمح للأستاذ المناوئ للشيوعية حينها عبدالله الأصنج أن يحكمنا بل حاكمناه وأهنّاه وخونّاه وهو وزير خارجيتنا، رغم أنه والأستاذ باسندوة كانا أهم كادرين مدنيين مؤهلين لدينا بين وفرة زائدة عن الحاجة من المشائخ والعسكر.. وبما أن الرئيس العسكري حينها لم يكن يجيد فن الإلقاء والخطابة والأحاديث العامة، ولم يكن يثير إعجابي كشاب متحمس لإظهار بلاده في أحسن صورة، فقد قارنت بينه وبين العم محمد الذي أذهلني بغزارة معلوماته وقدرته على ترتيب أفكاره، وشعرت وقتها أنه الأجدر على تمثيلي كمواطن يمني في المحافل العربية والدولية لأنه يتحدث بطريقة تجعلني أفتخر به ولا أخجل من كلامه.
كان العم محمد يحمل في رأسه مزيجاً من الخبرة والحكمة والمعرفة والاطلاع، لكنه لم يكن يحمل مسدساً على خصره ولا نجمات على كتفيه، وبالتالي فقد افتقد مؤهلات الرئاسة الحقيقية.. وقد تأكدت لي قدرات الأستاذ باسندوة عندما تولى وزارة الخارجية عام 1993 ونشرنا له عدة مقابلات في صحيفة “الوحدة” التي كنت أعمل بها، ومازلت أحتفظ بأهم تلك المقابلات التي كان عنوانها الرئيسي باسندوة: لم ولن أكون عميلاً لغير اليمن.
مرّت الأيام والسنون وإذا بالصديق العزيز عبدالله سلام الحكيمي يحدثني من القاهرة أن الأستاذ باسندوة يتابع مقالاتي ويقرأها بعناية، ويود التعرف عليّ فتواصلت مع العم محمد وبقيت على اتصال متقطع معه، إلى أن جمعنا القدر في هم واحد ومجلس واحد هو رئيسي وأنا عضو في مجلسه.. اتصلت به مراراً في انتظار أن أتلقى تعليمات أو توجيهات حسبما جرت العادة فإذا به يوجه نصائح ويعطي رأياً أبوياً ويرفض الاستعلاء السلطوي.
وأثناء وجوده في جولة خليجية مع الأستاذ عبدالوهاب الآنسي والدكتور ياسين سعيد نعمان، تحدثت إليهم الثلاثة كما تحدثت معهم الأخت العزيزة توكل كرمان أثناء وجودها في واشنطن بغرض الاستنارة بتوجيهاتهم، فكانت الإجابة موحدة، اعملوا ما ترونه مناسباً لصالح الشباب وما تمليه عليكم ضمائركم.. لم يكن هناك مركزية ولا تسلط ولا توجيهات، بل احترام وتقدير من الأبناء للآباء يقابلها محبة واعتزاز من الآباء للأبناء.. وعند اختيار العم محمد لمنصب رئيس الوزراء هاتفني أحد السفراء قائلاً: “ألم تكن توقعاتي صادقة يا ماوري، أن صاحبك منذ زمن يطمح أن يكون رئيساً للوزراء…؟!” فأجبته وما المانع من ذلك كلنا نطمح أن نكون رؤساء حكومة، ما هو العيب في هذا الطموح؟! العيب هو أن تسرق أو تقتل كي تصبح رئيساً للوزراء, أما أن تطمح لخدمة بلدك في مثل هذا الموقع فلا مانع.. ألم يكن باجمال رئيساً للوزراء؟ ألم يكن مجور رئيساً للوزراء؟ فمن هو الأكثر تأهيلاً لمثل هذا المنصب؟! الرجل المخضرم والمحنك محمد سالم باسندوة؟ أم صاحب شعار “الفساد ملح التنمية” عبدالقادر باجمال؟ أم الدكتور مجور الذي فشل في وزارة الكهرباء وفي وزارة الأسماك فتمت ترقيته إلى رئيس وزراء.؟!.
وهاتفني سفير آخر قائلاً: شوف الآن بدأوا يختلفون على السيارات, فردّ عليه العم باسندوة بعد أيام بقرار منع توزيع أي سيارات جديدة على الوزراء الجدد وبدأ بنفسه يتنقل بسيارته الخاصة بأقل عدد من الحراسة.
هذا ما يتعلق برئيس الحكومة أما الحكومة نفسها فأجمل ما فيها أني لست واحداً من أعضائها وأسوأ ما فيها أنني لست واحداً من أعضائها. رشحتني المواقع الإخبارية لمواقع مختلفة في الحكومة وتلقيت تهاني من كثير من الزملاء الذين كانوا يحلفون أيماناً بأني داخل التشكيلة وأني أخفي ذلك عنهم.. فكانت أجابتي أن العضوية شرف لا أدعيه وتهمة لا أنكرها.. من الصعب علي نفسياً أن أجلس في حكومة واحدة مع حمود عباد أو حتى مع أبوبكر القربي، ولكن في ذات الوقت فإن العضوية لم تعرض عليّ كي أفكر فيها أو أتخذ قراراً بشأنها.
وهناك شخصيات عديدة تزعم أنها رفضت العضوية أو اعتذرت، وربما يكون البعض صادقاً في زعمه ولكن هناك من يحاول مداواة جراحه عن طريق الاعتذار المزعوم، أما أنا فلم أعتذر ولم أرفض، لسبب بسيط هو أن أحداً لم يعرض عليّ أي منصب وزاري ولم أطلب ترشيحي لأي منصب.. ولكن التشكيلة ذاتها اسعدتني إلى حد ما لأن 50% من أعضاء الحكومة هم من أصدقائي، أما الخمسين في المئة الآخرين فإنهم أقل سوءاً مما كنت أتوقع.
وفي حلقة الغد سوف أسجل بعض الانطباعات الأولية عمّن أعرفهم من أعضاء الحكومة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.