إن سياسة الإقصاء والإبعاد وعدم الاعتراف بالآخر ومحاولة إلحاق الأذى بمن قال الحقيقة، أمر بالغ الخطورة، لأنه يعبر عن سياسة انتقامية لا تقيم للدستور والقانون والثوابت الوطنية وزناً، وأن هذه السياسة الهمجية لن تحقق الرضا والقبول بقدر ما تحقق الرفض والنفور، وتشنع بمن ينتهجها، وتجعل الكافة ينظرون إليه بازدراء، لأنهم يرون في التصرف العدواني والهمجي العداء السافر للحياة الآمنة والمستقرة. لقد أشرنا في مواضيع عديدة بأن الائتلافات الحكومة السابقة التي عاشها اليمن بمثابة المدرسة التي يستفاد من أخطائها وسلبياتها، وحذرنا كثيراً من خطورة الوقوع في السلبيات من جديد، وطالبنا بضرورة الأخذ بالايجابي والعمل على تطويره، ولكن يبدو أن البعض لا يعرفون غير الأذية والأذية وحدها يجيدونها ويصنعونها صناعة متقنة، ولم يدركوا خطورة ما يفعلونه على الوطن، لأنهم للأسف لا يعترفون بغيرهم في الحياة. إن الإصرار على عدم الاعتراف بالآخر، وعدم التعايش معه، أمر بالغ الخطر يخلق النفور وينمي الكراهية ويجعل من يسلكونه في عزلة داخلية وخارجية ويؤدي في نهاية المطاف إلى الفشل الذريع، وأثبت تاريخ الحياة السياسية في اليمن أنه لا نجاح ولا فلاح ولا قبول إلا لمن يحتضن الكل ويؤمن بحق الحياة للآخرين ويحفظ حقوقهم، أما من يهدر حقوق الآخرين ويتفنن في أذيتهم فإنه منبوذ مكروه من الناس كافة. إن التصرفات الحمقاء التي أحدثها البعض في الوزارات والمؤسسات عززت النظرة التشاؤمية لدى المجتمع وبدأت تتراجع عن تفاعلها وتعاونها كونها وجدت تصرفات عدوانية وهمجية لا تمت بصلة إلى الوظيفة والإنسانية بشيء، فهل يدرك العقلاء والنبلاء خطورة تلك التصرفات الهمجية ويعملون على إنهائها؟، لأن الوطن اليوم بحاجة إلى الجميع ولا يمكن ان يفرط في أحد بإذن الله.