مرَّ وطننا الحبيب بأزمات متعددة ، تكاثرت عليه من سنين طوال ، وعانى شعبنا الكثير والكثير ، حيث ذاق المُرَّ والعلقم طمعاً في الحصول على وطن حقيقي بين أكوام من الفساد ومتاهات من الاستبداد المتعدد الأشكال والألوان والأحجام والأصناف ، وقد جاءت الأحداث التي مرت بها اليمن طيلة هذا العام لتزيد من معاناة أبناء الشعب ، ولكن كان لابد من هذه المعاناة كي يصنع الشعب مستقبله بيده ، بعيداً عن الأيدي الخبيثة التي عاثت في اليمن فساداً ، وما هذه المعاناة إلا(ثمن)العيش الكريم والحرية المنشودة!. وبعد أن بدأت الأمور بالهدوء ، وبدأ (الوفاق) بالظهور مع رحيل الفاسدين والمستبدين،وبدأت مرحلة (الغربلة) التي يجريها (ميزان) الشعب الذي قسم مسؤوليه إلى فريقين ، فريق في (جنة) المسؤولية ، وآخر في (سعير) التاريخ بل ومزبلته ، بعد كل هذا لابد أن تبدأ من الآن فصاعداً مهمات (البِناء) بعد أشهر من (الهدم)،مع اليقين أن البناء أصعب بكثير من الهدم ، ولكي نجتمع جميعاً لإعادة بناء وطننا وإعمار يمننا وإصلاح أوضاعنا وتصحيح ما كنا عليه لابد من شيء يجمعنا جميعاً ، هذا الشيء هو السلاح الذي سيمكننا من مواجهة أي تحديات تواجهنا في حياتنا ، وهذا السلاح هو..الحب !. لا بد من حبٍ يجمع قلوبنا على ما اتفقنا عليه ، ويبعد عقولنا عن ما اختلفنا حوله ، لابد من حبٍ يجمع الشمل ويوحد الصف ويُعلي الراية الموحدة ، لابد من حبٍ يجعلنا نتذكر من نحن ، نتذكر أننا أهل الإيمان والحكمة ، أننا أصحاب القلوب (الألين) والقلوب (الأرق) ، لابد من حبٍ يذكرنا بأمجاد الجدود فنعمل على استعادتها ، لابد من حبٍ يلون حياتنا بألوان التعاون والتكاتف ، ويبعد عنا ألوان الاختلاف والتفرق والتنازع ، لابد من حبٍ ينير لنا الدروب المظلمة التي أظلمت بفعل أحقادنا على بعضنا وضغائننا على ماسوانا ، لابد من حبٍ يرينا أن الوطن هو الأهم ، بعيداً عن التعصبات القبلية والحزبية والمذهبية والمناطقية وغيرها !. لكي نعيد بناء يمننا الجديد الذي ينضح منه (الحب) بعد أزمان من (الكراهية) يجب علينا أن نحب بعضنا ، وأن يكون الحب من طرفين ، أما من طرف واحد فيقول عنه (العشاق) أنه(عذاااااب)، على الإصلاح أن يحب المؤتمر بشرفائه ، وعلى الشمس أن تعانق الخيل ، على المستقلين أن يحبوا المتحزبين ، وعلى الجنوبيين أن يحبوا الزنداني والديلمي ، وعلى الشماليين أن يحبوا أهل الجنوب ، وعلى الحراكيين أن يحبوا الوحدة أكثر مع تقديرنا لجهودهم ، على الحوثيين أن يحبوا السلفيين ، وأن تكون (دماج) هي المشهد الأخير في فيلم الصراع بينهما ، على أحمد علي أن يدرك أن مصلحة الوطن فوق الجميع ، وأن ينسحب بهدوء ويدع الحرس الجمهوري يحب الفرقة الأولى مدرع ، على حاشد أن تحب بكيل ، وعلى جميع القبائل نزع فتيل (الثأر) الذي عانينا منه الكثير ، وليحب كليهما أبناء النصف الآخر من القلب اليمني وهم أهل الجنوب ، على الإصلاح أن يحب الإشتراكي أكثر ، كي يصبح حباً حقيقياً لايجعل للراغبين في تفرقة (المشترك) أي طريق ليسلكوها ، على القبيلي أن يحب (المهمش) ، وعلى المثقف أن يحب الأمي ، وعلى الأبيض أن يحب الأسود ، وعلى الحاكم أن يحب المحكوم ، وعلى (الستين) أن يحب (السبعين) ، على الوزراء أن يحبوا وزاراتهم ، والمدراء إداراتهم والطلاب مدارسهم والأطباء مستشفياتهم والمهندسين مصانعهم والصحفيين مؤسساتهم كي يعملوا فيها بكل تفانٍ واخلاص ، وحب متبادل !. علينا جميعاً أن نُغلِّب الحب في كل شؤون حياتنا ، فما أقسى الحياة بدون حب ، وما (أبغض) العيش بغير محبة ، ليحب جميعنا الجميع ، وليعشق بعضنا البعض ، ولنحب جميعاً التراب الذي نمشي عليه ، والماء الذي نشرب منه ، والهواء الذي نتنفسه ، فهذا هو وطننا ..هذا هو اليمن !!