الشباب هم تلك القوة الكامنة التي لطالما كنا نستهين بها ونلقي باللوم عليها ونتهمهم بالفشل ونلقي عليهم بالأخطاء . لقد أصبح الشباب ما بين مجتمع يلقي عليه بالانتقاد واللوم ويحمله الأخطاء والفشل وبين سلطة لم تعط لهذا الشباب حقه وحرمته من أبسط حقوقه ومطالبه الأساسية . ووسط هذه الأجواء انفجرت طاقة الشباب المكبوتة وتفجرت قدراتهم ونُزع من داخلهم الخوف الدفين وحطموا كل القيود الواقعة أمامهم ليرسموا تاريخهم المشرق ومستقبلهم وينقذوا وطنهم وبلادهم من براثين الفساد والظلم وثقافة الكاسي والتهميش والإقصاء. لذلك أظهر لنا الشباب أنهم من يصنعوا التاريخ ويخطون معالمه وهم من يستطيع أن يحرك عجلة التاريخ ويعيد موازين القوى . لقد انطلقت ثورة الشباب العربي أوما يسمى بالربيع العربي التي أشعل فتيلها الشاب– بوعزيزي - من تونس الخضراء ضد زين الهاربين الذي رحل سريعاً إلى منفاه الأخير ، ومن ثم انتقلت رياح التغيير الى أم الدنيا مصر التي قام شبابها الثائرون التواقون للحرية بثورة سلمية ضد مبارك حتى أسقطوه وهم اليوم بين أربعة جدران يلقى جزاءه العادل أمام محكمة الشعب ، وفي ليبيا قاد أحفاد عمر المختار ثورتهم ضد الملقب بملك ملوك افريقيا القذافي فهز رأسه ضاحكاً وهويقول جرذان فلم يغني عنه الملك يومئذ ولقي مصيره. وفي بلاد السعيدة اليمن اندلعت الثورة مبكراً نتيجة ما يعيشه الشباب من التهميش والاقصاء وسياسة النهب والسلب والسطو وما ألت إليه البلاد من تردي الأوضاع الاقتصادية والسياسية وبعد عشرة أشهر من إندلاع الثورة اليمنية يوشك اليمنيون على تحقيق حلمهم في حياة حرة تضمن تكافؤ الفرص والحرية والعدالة الاجتماعية. إنها ثورة سلمية وشباب ثائر وصدور عارية تتلقى رصاص الموت بكل شجاعة وإقدام ، ثورة هدفها الحرية وإسقاط النظام الفاسد وإقامة الدولة المدنية الحديثة . من المؤكد إن الشباب اليوم يرسمون بدمائهم الزكية لوحة فنية جميلة وهم يتصدون لكل هذه العقبات التي يواجهونها بكل شجاعة وإقدام يجمعهم حب الوطن . إنها ثورة الشباب التي انطلقت شرارتها من فوهات الحناجر الملتهبة بنيران الغضب تهز اركان النظام وترعب المرتزقة والفاسدين .