من أين أمطرت الشجاعة على قلوب أعضاء محلي تعز ،حتى يقرون ، بالإجماع ،إقالة «قيران» من منصبه كمدير لقتل تعز ؟ . هل كانت إقالته بناء على « قرار جماعي » فعلاً , أم « صلاة استخارة » ؟ أقبح ما في السياسة هو استغفال الناس , وأبشع من القصف الذي كان يشنه قيران , على أحياء تعز ليلاً , هو الاستخفاف البليد , الذي ظهر به خبر إقالة مدير أمن تعز, في شريط قناة الجزيرة : محافظ تعز : «المجلس المحلي قرر بالإجماع إقالة مدير الأمن عبدالله قيران » . حتى الأربعاء الفائت , كان محافظ المحافظة , ورئيس المجلس المحلي الذي « قرر إقالة مدير الأمن » , ينظر الى قيران , بأنه « ليس شراً مستطيراً » , فكيف تحول إلى «شر ومستطيراً» , في ظرف 4 أيام ؟ ظل قيران , طيلة عشرة أشهر ،يدك المدينة بمختلف أنواع الأسلحة ،ولم يحرك المجلس المحلي ساكناً ،بل كانوا يحشدون له البلاطجة كجيش شعبي مساند .كان يحكم تعز من القصر الجمهوري ،والمجلس المحلي يذهب إليه للتتميم . قتلت قواته الطفل , والمرأة, والشاب . انتهكت قذائف دباباته غرف النوم في المنازل , وغرف العمليات في المستشفيات . أحرق الخيام , وأحرق قلوب مئات الأمهات على فلذات أكبادهن , وهم يباركون أفعاله القبيحة , فهل يريدوننا أن نصدق , هكذا بسهولة , أنهم أبطال , وأزاحوا من تعز قاتلاً من الدرجة الأولى ؟ احترق المجلس المحلي , وكل مسئوليه خلال الفترة الفائتة , ولا يمكن لهم تجميل صورهم البشعة في ذاكرة الناس , بواسطة سرقة قرار , لم يفكروا به , ولم يقروه , حتى نصفق لهم كرجال تحملوا مسئولياتهم في حماية أبناء مدينتهم . قرار إقالة «قيران» لا علاقة للمجلس المحلي به , بل هو قرار للسفير الامريكي , ومحلي تعز يدرك ذلك جيداً , ويعرف أنه ليس بمقدوره حتى إقالة مدير قسم شرطة , كما اعترف المحافظ في حواره مع أسبوعية الوسط , وليس مدير أمن . كيف يرتضي المجلس المحلي لتعز , لنفسه إهانة كهذا . القرار الذي من المفترض أن يكون ,حسنته الوحيدة , منذ أعوام , يذهب الى رصيد سفير واشنطن . جيرالد فيرستاين , انتصر لتعز , أكثر من أبنائها . عندما زار سفراء دول مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي والخليج , المدينة , و أراد قيران مغالطتهم , كعادته , قام السفير بإسكاته , وقال :« نحن نعرف جيداً من هو سبب المشاكل في تعز » , وطلب حينها من نائب الرئيس, واللجنة العسكرية تغييره فوراً . كم كنا نتمنى أن يكون المجلس المحلي , هو صاحب قرار الاقالة فعلاً .. كل ما فعلوه , أنهم كانوا مجرد « إذاعة » , نشرت الخبر . حتى وهم يؤدون دور الاذاعة , كانوا حذرين , وقرروا مخاطبة قيران بأسلوب ناعم : أنت موقوف وليس مُقالاً , وربما يفكرون بعمل وداعية مهيبة لرجل الموت , وسيكونون حينها آخر شهداء قيران . سيغادر قيران تعز , دون محاكمة ,وسيتم إرساله إلى مدينة مسالمة أخرى , بعد عدنوتعز , من أجل القضاء عليها . القاتل في بلادي , تتم ترقيته , لا تنفيذ عقوبة القصاص بحقه . سيغادرها , وسيلحقه كل قاتل , ومشارك في جرائم التقتيل البشعة التي شهدتها تعز , خلال الشهور الماضية . وداعاً يا قيران , لديك محاسن كثيرة سنتذكرها , بسببك تعمقت العلاقات الزوجية ,و كان الناس يعودون إلى منازلهم قبل أذان المغرب كل يوم , وفي عهدك يا بشير الشر , عاشت المستشفيات عصرها الذهبي , وتحول حفارو القبور إلى أثرياء . كنا نتغنى بك , هذه الأيام , في عز البرد , ونتذكر قذائفك : « قيران قيران أين الحب يدفيني» ستتذكر تعز , على مدى التاريخ , أن نظام صالح , أوفد اليها في 2011 , زعيم عصابة , دمّر مدنية المدينة ,لكنه كان السبب في صناعة جيل لا يخاف . لولا قيران , ما شاهدنا , ذاك المشهد الجبار , من وفاء الشيباني , التي خطت بدم أخيها الشهيد , في جدار غرفته , عبارة «ارحل يا سفاح» , وبدلاً من أن تبكي , كانت تطلق زغرودة , تهز العرش . لولاه ما عرفنا نساء بهذه القوة والعزيمة والشجاعة , التي تفوق بملايين السنوات الضوئية , شجاعة محلي تعز. [email protected]