المقيل اليمني .. طقس اجتماعي بين الحميمية والتحديات    الأرصاد يخفض التحذير إلى تنبيه ويتوقع أمطاراً على مناطق محدودة من المرتفعات والسهول    وقفة في كليات جامعة البيضاء تنديدا بالعدوان الصهيوني على غزة    ارتفاع حصيلة عدوان الاحتلال على غزة إلى 65.502 شهيد و167.367 مصابا    إصلاح تعز ينظم ندوة حول دور النقابات في الثورات والدفاع عن الحقوق ومواجهة الفكر الحوثي    تراجع الأسهم الأوروبية بضغط من خسائر قطاعي الصحة والصناعات    صرف إعاشة أبناء وأرامل الشهداء والمفقودين لشهر سبتمبر    الوزير العكبري ووكلاء العاصمة عدن لشؤون المديريات والتنمية يناقشون الأوضاع التعليمية    إسبانيا تعلن إرسال سفينة حربية لحماية أسطول الصمود العالمي المتجه إلى غزة    في كلمة بالأمم المتحدة.. نصر العيسائي: تقرير المصير أساس لأي تسوية سياسية في اليمن    إتلاف 62 طن من المواد الغذائية منتهية الصلاحية في العاصمة    الداؤودي: استمرار حملة التفتيش لضبط المواد الغذائية الفاسدة بالمنصورة    ذكرى ثورة 26 سبتمبر قِبلة اليمنيين للانتصار للجمهورية    عملية أم الرشراش.. تقدم تقني يمني يدخل العدو في تخبّط استراتيجي    محافظ حضرموت يتفقد أعمال تطوير منشأة غاز بروم    الرئيس الزُبيدي يبحث التعاون الأمني مع أوغندا والصومال    الرئيس الزُبيدي: الواقع على الأرض يعكس وجود دولتين    افتتاح مدرسة النقوب في نصاب بتمويل من الإمارات    تنفيذي الحصين بالضالع يناقش تقارير المكاتب الإدارية للفصل الثالث    سياسي يمني: حمود المخلافي رسخ ثقافة الضباع داخل أسرته    الصين تتهم أمريكا بتوجيه ضربة خطيرة للنظام التجاري المتعدد الأطراف    الشاي وصحتك.. 3 أكواب كافية لصنع الفرق    راتب محافظ المركزي المعبقي أعلى من راتب رئيس أمريكا    شرطة تعز تعلن ضبط أحد المطلوبين أمنيا وتواصل ملاحقة آخرين    بن بريك وسلطان المهرة يؤكدان وحدة الصف الجنوبي ومواجهة التحديات    هاتريك ألفاريز يمنح أتلتيكو انتصارا دراماتيكيا    25 لاعبة يدشن أول منتخب سعودي للفتيات تحت 15 عاما    كوش أول ألماني ينضم إلى الألعاب المحسنة    صنعاء... الحصن المنيع    اليوم بميدان التحرير بصنعاء ايقاد شعلة العيد ال63 لثورة 26 سبتمبر الخالدة    "جيل الشاشات".. كيف خطفت الهواتف تركيز الطلاب؟ وهل يمكن استعادته؟    قرعة صعبة لآرسنال وليفربول في ثمن نهائي الرابطة    بذكرى ثورة سبتمبر.. مليشيا الحوثي توسع حملة الاختطافات في إب    نادي 22 مايو يكرم الشاب محمد وهيب نعمان    الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين ترد على تقرير هيومن رايتس ووتش    اشتراكي تعز يدعو لمواصلة الاحتجاجات حتى تسليم كافة المتهمين باغتيال المشهري    عمران.. اعتقال شيخ قبلي وشاب في خمر    أسرة عارف قطران تكشف عن وضعه الصحي الحرج وتناشد بالكشف عن مصيره    في الوقت القاتل.. منتخب الناشئين يخسر أمام الإمارات في كأس الخليج    وثائقي "الملف الأسود" .. يكشف عن نهب ممنهج لنفط اليمن    اجتماع للجنة الفنية المشتركة للبرنامج الوطني للطاقة المتجددة بصنعاء    العاقل يبحث خطط تطوير المكاتب الإعلامية في العاصمة و3 محافظات    محافظ حضرموت يتفقد سير العمل بمؤسسة الاتصالات في الساحل    عمار المعلم .. صوت الوطن وروح الثقافة    الليغا: ريال مدريد يواصل انطلاقته الصاروخية بفوز سادس على التوالي    رئيس هيئة الإعلام والثقافة يبحث مع مركز اللغة المهرية آفاق التعاون المشترك    المساوى يدّشن مشروع التمكين الاقتصادي لأسر الشهداء    القسام تدعو لركعتين (ليلة الجمعة) بنية الفرج لمرابطي غزة    البقوليات وسيلة فعّالة لتحسين صحة الرجال والتحكم في أوزانهم    نائب وزير المياه يبحث ترتيبات إحياء يوم اللغة المهرية    إلى أرواح أبنائي الشهيدين    منارة عدن المنسية.. إعادة ترميم الفندق واجب وطني    الراحلون دون وداع۔۔۔    السعودية تسرق لحن زامل يمني شهير "ما نبالي" في عيدها الوطني    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    على خلفية إضراب عمّال النظافة وهطول الأمطار.. شوارع تعز تتحول إلى مستنقعات ومخاوف من تفشّي الأوبئة    في محراب النفس المترعة..    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بعد صدور قانون الحصانة...
نشر في الجمهورية يوم 24 - 01 - 2012

لم يكن يوم السبت الماضي من جملة الأيام العادية التي تمر في حياة اليمنيين باستمرار، بل كان يوماً استثنائياً بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، فقد تم فيه إسدال الستار على عهد الرئيس علي عبدالله صالح من الناحية النظرية والقانونية بإقرار مجلس النواب لقانون الحصانة من الملاحقات القضائية للرئيس صالح ومعاونيه وتزكية نائب الرئيس عبدربه منصور هادي كمرشح توافقي للانتخابات الرئاسية المبكرة التي ستجرى في 21 فبراير القادم...
تصل أهمية يوم 21 يناير المنصرم في مستواها إلى أهمية يوم 23 نوفمبر 2011م الذي جرى فيه التوقيع على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، في العاصمة السعودية الرياض إن لم تفوقها أهمية كون ما جرى في مجلس النواب يوم السبت الماضي خطوة عملية في تنفيذ النص المتفق عليه...
لذلك يمكن القول إن سعادة غالبية اليمنيين بإقرار قانون الحصانة وتزكية هادي للانتخابات الرئاسية تتجاوز سعادتهم بيوم التوقيع على المبادرة كونهم يعتبرون أن إقرار قانون الحصانة قد أنهى تماماً شبح الحرب إلى غير رجعة، كما أن تزكية نائب الرئيس كمرشح توافقي قد حقق الهدف الأهم للثورة الشعبية السلمية وهو إنهاء حكم الرئيس علي عبدالله صالح وعائلته والانتقال السلمي للسلطة عبر صناديق الاقتراع، وبالتالي أصبح حلم اليمنيين على مسافة شهر واحد فقط ليتحقق على أرض الواقع.
وبمغادرة الرئيس المنتهية ولايته علي عبدالله صالح إلى الولايات المتحدة الأمريكية للعلاج ولفترة طويلة على الأرجح يكون اليمن قد اتجه نحو حالة استقرار افتقدها لوقت طويل، رغم أن بقايا عائلة صالح الذين يتولون مواقع قيادية في الجيش والأمن سيسعون ما استطاعوا – بما يمتلكون من أموال وبقايا تأثير – إلى تمويل عمليات تهز صورة الأمن والاستقرار في محاولة يائسة لإثبات نظرية صالح التي أعلنها في 21 مايو الماضي أن رحيله عن السلطة سيعني تشرذم اليمن وتصاعد دور تنظيم القاعدة والحوثيين والحراك الانفصالي... إلا أن الأرجح أن تذهب كل هذه المحاولات أدراج الرياح ولن تحقق الهدف الأساسي منها، لأن هذه العائلة أصبحت في الأساس تفتقد للتأييد الكافي في الشارع اليمني، كما أن غياب الرئيس صالح عن المسرح السياسي وانتهاء عهده كافٍ تماماً لإنهاء ما تبقى من نفوذ لها، ويلمس المتابعون عجزها الكامل عن جمع بضعة آلاف في صلاة الجمعة من كل أسبوع واضطرارها لنقل هذه الأعداد الضئيلة من ميدان السبعين المتسع إلى ميدان التحرير محدود السعة في محاولة لحفظ ما تبقى لها من وجود وتأثير بسيط في الشارع اليمني الذي أصبح يحلم باليوم الذي لا يجد أحداً من أفرادها في أي موقع قيادي ليشعر بالحرية والأمان والاطمئنان للمستقبل.
سيجد نائب الرئيس عبدربه منصور هادي نفسه أكثر قدرة على فرض نفوذه والإمساك بنواصي القرار السياسي والعسكري والأمني خلال الأسابيع الأربعة المتبقية على إجراء الانتخابات الرئاسية المبكرة... فلم يعد هناك ما يمنعه من اتخاذ قرارات صارمة تحد من العبث الذي يحدث بأمن واستقرار اليمن، ذلك أنه يدرك أن الشرعية قد انتقلت إليه كاملة غير منقوصة إذ يكفي أنه من أصدر قانون الحصانة الخاص بسلفه علي عبدالله صالح، وأن ما سيجري من انتخابات يوم 21 فبراير القادم هو ليس أكثر من استكمال إجراءات شكلية لتوليه القيادة بشكل مكتمل... والمقصود هنا أن على الرجل أن يكون صارماً وبقوة في الحفاظ على أمن اليمن وأن يكاشف اليمنيين بكل صغيرة وكبيرة... وإن كان هادي يريد أن يكون وفياً لسلفه فالوفاء ليس بإبقاء أقاربه في مواقعهم القيادية الأمنية والعسكرية حتى وإن كان بعضهم يمارس أفعالاً من خلالها لن يحميهم منها قانون الحصانة من الآن فصاعداً، ولكن الوفاء يكون بمنع صالح وأقاربه من أي تهور حفاظاً على شيء من مكانته التاريخية كشخص حكم اليمن ثلث قرن وأسهم في توحيده وحافظ على إنجازات طيبة منها التعددية والديمقراطية التي أنتجت جيلاً تشرب معاني الحرية فأطاح به بشكل سلمي بعد أن تخلل اليأس إلى أبناء هذا الجيل مع نمو المشروع العائلي في اليمن وتلاشي مشروع دولة المؤسسات والقانون واستشراء الفوضى مع مرور الوقت.
إن دموع رئيس الوزراء اليمني والمناضل الوطني المحترم محمد سالم باسندوة في مجلس النواب يوم السبت الماضي لم تأتِ من فراغ، إذ كان الرجل يدرك مآلات المزايدة على التصويت على قانون الحصانة ويدرك أن اليمن لم يعد قادراً على تحمل المزيد من المآسي... وهذه الدموع التي أبكت الكثير من اليمنيين وجعلتهم يعرفون معدن هذا الرجل القادم من رحم معاناتهم ونضالاتهم وقضاياهم الوطنية وطموحاتهم وأحلامهم، أثارت في الوقت ذاته سخرية عدد من القادة والسياسيين الذين أوشكت شمسهم على المغيب والذين لم يعرفهم اليمنيون يذرفون دمعة واحدة طوال العقود الثلاثة الماضية على معاناتهم وصبرهم وقسوة الظروف التي مروا بها... وفيما يتنقل باسندوة بسيارته الشخصية المتواضعة يتنقل القادة العسكريون والأمنيون بأفخر السيارات المدرعة وآخر موديلاتها وفي مواكب ضخمة حتى هذه اللحظة تحرسهم قوات مكافحة الإرهاب التي دربها الأمريكان لمواجهة تنظيم القاعدة والتي لم تخض حتى اليوم مواجهة واحدة مع أفراد هذا التنظيم... وخلال العامين الماضيين طالما سلط النظام المرتحل بحصانته وسائل إعلامه الرسمية – التي يطالب اليوم أنصاره بحياديتها بعد أن تنفست عبق الحرية – للسخرية من باسندوة والحديث عن أنه من أصول صومالية في سابقة عنصرية مخجلة لم يفعلها أي نظام من قبل، فما كانت مثل هذه الأحاديث إلا لتزيد من قدر باسندوة في مختلف الأوساط وتحط من قدر المسيئين له.
إن نظاماً يقوده رجلان مثل هادي وباسندوة مسنودين بأحزاب وطنية ناضلت لإخراج اليمن من محنته هو نظام كفيل بأن يحظى باحترام الشعب اليمني ودعمه تماماً كما سيحظى بدعم غير مسبوق من المحيط الإقليمي والمجتمع الدولي، شريطة أن يعتمدا على الشفافية والوضوح في مكاشفة الشعب اليمني بكل شيء... ذلك أن صدور قانون الحصانة من جميع الجرائم التي حدثت قبل إصداره يعني أنه لم يعد هناك مجال لتملص أي طرف من أي جرائم أو انتهاكات يقوم بها عقب صدور هذا القانون، إذ يجب فضحه وكشف حقيقته للناس دون خوف أو تردد... وإن لم يعتمد الرجلان الشفافية والصراحة كأسلوب حكم فإنهما من سيخسر ومعهما الشعب اليمني، إذ لن يحد من نفوذ بقايا الفاسدين والمستبدين ولن يحجم تصرفاتهم سوى هذا الأسلوب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.