غمرتني النشوة وأنا أرى الفرحة والدموع في وجوه الناس المحتشده في مدينة تعز التي خرجت عن بكرة أبيها تحتفل بالذكرى الأولى لثورة 11فبراير كأعظم ثورة في التاريخ اليمني ,كان المشهد خارج حدود الكلمات جعل الأستاذ يحيى أبو أصبع يقول مندهشاً: اكتشفنا اليوم أننا لانعرف تعز, أعتقد أن هذا أول عيد يحتفل الشعب فيه بثورة أنجزها بيده ونرى الإنسان البسيط يفترش الرصيف ويجلس على الشارع يشرب واحد شاهي مع واحد خبز وهو في قمة النشوة يشعر أنه بطل ثورة وأنه يصنع انتصاراته بنفسه ويستحق النياشين وحده، لافرق بين رجل وامرأة ولابين كبير أو صغير. ما أحلى هذا الانتصار على الفردية فكل الشعب اليوم هو الزعيم والبطل ولا يوجد صورة لأحد مرفوعة على الرؤوس غير صورة الوطن الغالي والشهداء, المواطنة تحتاج إلى شعور بالانتماء ولم أحس أكثر من هذا الانتماء الذي صنعته الثورة ويصنعها، في قمة الانتصارات يجب أن يرتفع التسامح عالياً ويتقدم التواضع المعطاء يقود الركب وليتسع قلب اليمني الفرد لكل اليمنيين من تقدموا ومن تأخروا، فالثورة لا تعرف الانتقام ولا الأنانية, سيطهرنا التسامح حتى ينظف كل شيء في القلوب والوطن وبالتسامح سنكمل الانتصار.. أشعر بقيمة التسامح كلما اقترب النصر الذي دفعنا لأجله دماء وأرواحاً زكية لم تكن تهتم يوماً بالشكليات ولا بالصور الملونة ولا بتصفية الحسابات. أمس يا صاحبي وفي زحمة الفرحة شعرت بإحساس غريب من التعاطف والشفقة تجاه كل أبناء وطني، أردت أن أحتضنهم جميعاً بلا استثناء وكأن الثورة تجب ما قبلها, استحضرت دخول الرسول الكريم يوم الفتح الأعظم مطأطئ الرأس على دابته ليقول إن هذا الفتح لكل الناس بمن فيهم عكرمة بن أبي جهل وأبوسفيان بن حرب, لقد شعرت فعلاً بعاطفة نحو الجميع بمن فيهم (الجندي) الذي كتبت عنه مقالين غاضبين ومتتاليين وربما قاسيين، فالمشهد من العظمة لا يسعه شيء سوى التسامح, نستطيع أن نذهب الى 21 فبراير بقلب أبيض واحد لبناء المستقبل وعندما ننتصر على ذواتنا وسلبياتنا القاتلة ونبني نظاماً يسع الجميع بالعدل والمساواة وإنصاف الشهداء سنكتشف كيف أننا جميعنا الظالم والمظلوم والقاتل والمقتول ضحايا لقيم سلبية قاتلة ورثناها من عصور التخلف، والمداهنات القذرة يجب ان نستأصلها من جذورها حتى لا تدور فينا طاحونة الخراب مرة أخرى.