إن الانتخابات كوسيلة حضارية وإنسانية للتغيير الديمقراطي السلمي باتت اليوم العلامة الفارقة بين الدول والشعوب الحضارية والإنسانية وغيرها ممن لا يلتزمون بالديمقراطية ولا يؤمنون بالتداول السلمي للسلطة ولذلك فإن الباحثين والمفكرين في مجال الفكر السياسي في مختلف أنحاء العالم عندما يتحدثون عن الدول والشعوب يصنعون تصنيفاتهم لتلك الدول منطلقين من معيار الانتخابات، فالدول التي تعتمد الانتخابات في مؤسساتها يطلقون عليها دولاً ديمقراطية لأن الشعب في تلك الدول يمتلك السلطة أما الدولة التي لا تعتمد الانتخابات فإنهم يطلقون عليها دولاً غير ديمقراطية على اعتبار ان الشعب في تلك الدول غير الديمقراطية لا يمتلك السلطة. إن الجمهورية اليمنية فإن امتلاك الشعب للسلطة يعد بعداً تاريخياً عميقاً أصّله اليمنيون منذ أكثر من ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد وحافظ عليه اليمنيون جيلاً بعد جيل وعقب إعادة وحدة الوطن في 22 مايو 1990م تمكن اليمنيون كافة من امتلاك السلطة من خلال إجراء العديد من الانتخابات والاستفتاء وكانت تلك الممارسات الديمقراطية عبر الانتخابات العامة العلامة الفارقة التي ميزت اليمن عن غيره من بلدان المنطقة وتمكن اليمنيون من الحفاظ على حق الشعب في امتلاك السلطة وقال الشعب كلمته الفصل في هذا الاتجاه بأن الطريق الوحيد الآمن للوصول إلى السلطة هو الانتخابات العامة وما عدا ذلك مرفوض من الشعب جملة وتفصيلاً. إن وصول اليمنيين إلى الفعل الوطني الإنساني الحضاري من خلال الانتخابات العامة بالغ الأهمية لأن نتائج ذلك الفصل الحضاري والإنساني تحقق الرضا والقبول وتعزز الوحدة الوطنية وتجسد الممارسة العملية لمفهوم امتلاك الشعب للسلطة وتقطع الطريق على الذين يريدون اغتصاب هذا الحق وانتزاعه من الشعب بقوة الحديد والنار والأفكار الظلامية. إن مشاركة كل اليمنيين في انتخاب رئيس الجمهورية الجديد في 21 فبراير الحالي بالإدلاء بأصواتهم لمرشح التوافق الوطني دليل قاطع على الإيمان المطلق بحق الشعب في امتلاك السلطة ودليل حضاري وإنساني على مستوى الوعي المعرفي بالجذور التاريخية للتجربة الديمقراطية في اليمن لا يتخلف عن ذلك الحق أو يحاول إعاقته إلا من لديه نوايا عدوانية على حق الشعب في الحياة الآمنة والمستقرة والموحدة ولذلك أدعو كل أبناء الوطن بلا استثناء إلى رسم لوحة وطنية تبهر العالم وتعزز احترامه لليمن بإذن الله.