اليمن رقعة شطرنج كبيرة، والأطراف السياسية اليمنية تمثل أحجار تلك الرقعة التي تتنافس فيها القوى الإقليمية والدولية، وتمارس فيها تكتيكات خاصة بها، بحيث تعمم نتائج تلك المنافسة كأسلوب لعب جديد لإعادة تشكيل مستقبل المنطقة. ما يدور في اليمن جزء من مرحلة الوصاية الأممية التي أسقطت من قاموس الأممالمتحدة أواخر الستينيات بعد انتهاء مرحلة الاستعمار. القرار النهائي - بخصوص مستقبل اليمن وكيفية إدارة المرحلة الانتقالية - لم يعد بيد النخب السياسية اليمنية، بل يخضع بشكل تام للمبادرة وآليتها التنفيذية ولجنة التفسير، كما إن جميع البنود تدار بإشراف الدول الراعية للمبادرة والأممالمتحدة.. المعنى القريب هو توافق العالم على تجريب نوع جديد من الإدارة الدولية المشتركة لليمن، ليس له بالضرورة أن يأخذ موافقة جميع الأطراف السياسية المحلية.. ويكون اليمنيون مجرد أدوات للفعل الخارجي الذي لن يتورع عن عقاب أي طرف سياسي يمني يعترض على تنفيذ الإرادة الدولية في البلاد. ما حدث في اليمن هو اختبار حالة قابلة للتعميم على الحالات المشابهة، وهو خطة دولية لاحتواء الثورات في المنطقة، وطريقة جديدة في التعامل مع السقف العالي لمطالب الشعوب المتطلعة للحرية والتغيير. خلال الأسابيع القليلة الماضية اقترح وزير خارجية قطر أن يتم تعميم المبادرة الخليجية على الوضع في سوريا، هذه الدعوة راقت المجتمع الدولي ولاقت استحساناً من قبل النظام السوري، حيث بدأ عدد من المتحدثين باسم الحكومة السورية في الحديث عبر وسائل الإعلام عن ازدواجية التعامل الدولي إزاء الثورتين في اليمنوسوريا، مطالبين بالتعامل مع الوضع في سوريا كما تم التعامل معه في اليمن. في حال نجاح الجهود الدولية في وضع اليمن تحت الوصاية الكاملة واحتواء الثورة الشبابية، ورسم خارطة طريق لتحويل مسار التغيير الكامل في اليمن، لصالح مسار التغيير الجزئي أو إعادة إنتاج نفس النخب السياسية القديمة بصيغة تضمن استمرار بقاء تلك النخب تحت السيطرة، وعدم الخروج على النص.. فسيتم تعميم هذه الوسيلة في التعامل مع التحولات القادمة، والتي ستكون دول الجوار الخليجي محطتها القادمة، وستشرب من نفس الكأس الذي سقته لغيرها. فتلك الدول تعاني من نفس أعراض الاستبداد والفساد السياسي والمالي والإلغاء والتهميش السياسي والاجتماعي، واحتكار السلطة والثروة من قبل مجموعات صغيرة، تقوم بنهب الثروات وإعادة إنتاج التخلف والفقر والقهر. [email protected]