اليمن اليوم يحكمها رئيس منتخب باعترافنا واعتزازنا جميعاً؛ اللهم من شذّ عن يوم 21 فبراير وقال ما قال عن الديمة واحدة خلفنا بابها, ولا يهمنا ما يقال عن الانتخابات كذلك لأن المرشح شخص واحد ليس له منافس لأننا اتفقنا, فتنازل علي عبدالله صالح وبارك الفوز الساحق لعبدربه منصور هادي من أمريكا ثم حضر ليباركه ويذهب معه إلى دار الرئاسة ومن ثم يسلّمه المفتاح الذي طال انتظاره. تكلّم الرئيس القائد الأعلى للقوات المسلحة في البرلمان بمفردات صفق له الحضور من أعضاء البرلمان والشورى والحكومة والضيوف الأجانب والعرب وفي مقدمتهم جمال بن عمر المبعوث الدولي وعبداللطيف الزياني عن دول مجلس التعاون الخليجي؛ وهما شخصان لعبا دوراً كان واضحاً بأنه يحرص على إخراج اليمن من الفتنة الاحترابية والتي كانت ذروة الأزمة السياسية ومخرجاتها الرهيبة. وتحدّث علي عبدالله صالح عن الماضي المؤسف وعن الحاضر المنشود الذي يعاد فيه الإعمار والثقة بين اليمنيين بالرغم من إشارته إلى المتآمرين بدفع من الخارج, لأن كل شيء الآن انتهى في تبادل الاتهامات ولو بقدر من الرموز العتابية من جانبه والتهكم المستمر عليه من الآخرين المتحدين من توجهات شتى قبلية وسياسية وحزبية وناشطين وناشطات جمعتهم كراهية علي عبدالله صالح وأسرته وأعوانه, ولا ندري هل يشمل ذلك كل الحمر بمن فيهم أولاد الشيخ والشيخ الآخر اللواء الركن ومن إليه وهم من أبرز من أعلنوا انحيازهم إلى الثورة رغم أنهم أثرياء جداً, والأغنياء في أي زمان ينضمون إلى الثوار ضد الرئيس أو العهد الذي كان له الفضل في بروز تلك الرؤوس الثرية جداً إلا إذا كان الهدف الاحتماء بدل الحماية لاقتناعهم بحتمية انتصار الثورة والتفاف الشعب حولها. طلع عبدربه منصور هادي فوق كرسي الرئاسة وليس عرشها, وهو من رفض ويرفض المخاوف بأنه يرقص على رؤوس الثعابين أو قول الشاعر: وأتعس الناس في الدنيا وأنكدهم.. من ركب الليث أو من يحكم اليمن ولعله سيتأكد الآن بأن الإجماع الشعبي في الانتخابات كان من أجل سواد عينيه لمواقفه المتزنة ورجاحة عقله وخبرته في مسايرة الأوضاع بمقدرة المروّض الماهر الذي ينشد إسعاد الآخرين وحثّهم على المزيد من الأعمال التي تكرّس وتقوّي قواعد البناء بجلب مزيد من السعادة لهذا الجيل والأجيال القادمة, وأظنه كذلك وسننتظر قادم الأيام قريبها وبعيدها ماذا ستحمله لنا من أخبار وأفعال تزيل آثار سنة كاملة من الأهوال التي عشناها ودموعنا تنزف وقلوبنا تقطر دما على الأبرياء الذين قتلوا وجرحوا أو تشردوا وعلى الممتلكات العامة والخاصة التي دمّرت.