نشأت حركة الإخوان المسلمون في بداية القرن الماضي لا يهم كيف نشأت، ولا الظروف التي نشأت في ظلها، ولا من أسهم ودعم الدعوة إلى تأسيسها ونشوئها، لكن ما يعنينا هو هدفها الاستراتيجي، وبدون الدخول في تفاصيل وجزئيات فإنها قد حملت شعار «إقامة الدولة الإسلامية» أو كما يحب البعض إقامة «الخلافة الإسلامية» التي تشمل الوطن العربي، والبلاد الإسلامية المحيطة بالوطن العربي. أما الأسلوب أو الطريق لتحقيق ذلك فقد كان بالوصول إلى الحكم في بلاد العرب، والمسلمين من خلال انتشار الحركة في البلاد العربية، والإسلامية، وفعلاً تمددت الحركة إلى العديد من الأقطار العربية، وأنشئت حركات قطرية تعمل كل حركة في قطرها على كسب الأعضاء والأنصار من مختلف الشرائح والقطاعات بما في ذلك القطاع العسكري والأمني، والتركيز على قطاع التعليم إلى حد السيطرة عليه، وحين يصلون إلى ما يؤهلهم للاستيلاء على الحكم تتم عملية الانقضاض على السلطة إلى أن تستكمل الحركة استيلاءها على الحكم في الوطن العربي، والإسلامي، يعلن قيام الدولة الإسلامية الهدف الاستراتيجي للحركة. تمددت الحركة إلى كل البلاد العربية لتبدأ دعوتها ونشاطها إلى إقامة الدولة الإسلامية أو الخلافة الإسلامية، لكنها اصطدمت بالتيارات القومية العروبية، والتيارات اليسارية، ونجاح هذه التيارات في حركة الثورة العربية التحررية، وبالتالي الوصول إلى الحكم في الأقطار العربية جنباً إلى جنب مع استيلاء قوى اجتماعية «أسرية، وعائلية، وعشائرية، وقبلية» على الحكم في بعض الأقطار.. ليكون الصراع بعد ذلك بين التيارات التي وصلت إلى الحكم، وحركة الإخوان المسلمون، لتمعن الأنظمة في التعامل مع الحركة أمنياً لوضع حد لنشاطاتها في كثير من البلدان العربية جنباً إلى جنب مع الصراع الفكري المضاد للحركة وفكرها. أخفقت الحركة في إنجاز مشروعها «الدولة الإسلامية» حتى اليوم، بل إن الحركة التي رفعت شعار الدولة الإسلامية خلال العقود الماضية، وتوحدها تقريباً في الساحة نجدها اليوم أمام تيارات دينية إسلامية سياسية عديدة، وكل تيار يعادي الآخر.. فصار المسلمون «شيعاً وأحزاباً» كل يريد دولته أو إمارته على حساب الدولة الإسلامية، ومن أجل ذلك يتعاطى ويتعامل مع أعداء العرب والمسلمين ليقوضوا مشروع الدولة إلى الخلافة الإسلامية.