أكثر الكتاب في الوطن العربي بخصوص, يستحقون الشهرة لسبب عجيب، لأنهم يرضون القراء.. ورضا القراء (غاية تدرك) بخلاف المثل المعروف.. وهذه الغاية التي تدرك أن يتجاوز نقد الكاتب للحاكم والحكومة الحد المعقول حتى السباب الذي علمنا الإسلام أنه لايجوز: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر)!! ولقد بحثت عن السبب فوجدته في الآتي: أن الحكام العرب والمسلمين نفث في صدورهم حدّ اليقين أنهم خلفاء الله في الأرض. - أن هذه الخلافة تلزم رعيتهم الطاعة. أ – فحقهم على الرعية أن يسمعوا ويطيعوا والخروج عن هذه القاعدة توجب الكفر. ب – وحق الرعية عليهم أن يسلموهم (الرعية) أموالهم وأنفسهم ولايخالف مواطن حاكماً في رأي أو أمر أو مزاج.. على طريقة القاضي الظالم, وما أكثر القضاة الظلمة في عالمنا العربي الذي قسم التركة بين أيتام نصفين، فقال: هذا النصف لي وهذا النصف لي .. بعبارة ثانية: أن الحاكم فهم أن المواطن حق ساقه الله إليه فما هو للمواطن إنما هو حق للحاكم، وربما دخلت (ثقافة التوراة، كجزء من الإسرائيليات) لتمنح الحاكم هذا الحق, فاليهودي له عقيدة مقتضاها أن الله خلق العالم كله من أجله (ليس علينا في الأميين من سبيل)!! ومن هنا فإن هذه الثقافة (الكارثة/المصيبة/ الفاجعة) جعلت المواطن العربي يكره حكامه ويغضبهم ويحقد عليهم، عدا المواطن المقرب الانتهازي الذي يحب الحاكم لأنه يمنحه ما لايستحقه.. ولم أر مواطناً بكى حاكماً إلا لأن مصلحة زالت بزواله.. ومن حكم الصوفية: (أن الدنيا إذا أقبلت على إنسان منحته محاسن غيره وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه)! من هنا فإن المواطن العربي غالباً ما يقبل على ما (يستحقه) الحاكم من رد قبح وما يقوم به الكاتب من بعض (قصاص) تطبيقاً لقوله تعالى: (من يعمل سوءاً يجز به) و(ذلك جزاء الظالمين) غير أن القصاص هنا غير متكافئ، لأن الحاكم لايسب ولايشتم وإنما يظلم ظلماً جائراً.. وأمر آخر فإن المواطن العربي لايجد مايريحه قليلاً وينفّس به عن نفسه ويمنحه بعض ثقة مسلوبة إلا هذا النقد اللاذع, ولايهمه إن صدر هذا النقد عن جاحد أو مخلص مجاهد أو منصف محايد. يا أيها الكتاب مزيداً من النقد، ليستقيم الحكام اللئام بالقسط ولتنفسوا عن المظلومين, ويا أيها الحكام اتقوا الله فخففوا عن أنفسكم من أثقال يوم الحساب ولو بالتجاوز عمن يجاهركم بالصدق، فلاتتوعدوهم وتمكروا بهم فإنهم ربما ذكروكم بما يعده الله للحاكم الذي لايعرف مصلحته في الدنيا والآخرة.