قررتُ ولأول مرة حضور المؤتمر الصحفي للأستاذ / عبده الجندي بقاعة فندق سبأ بصنعاء يوم الأمس الأربعاء .. فأخطأتُ طريقي باتجاه وزارة الثقافة المُثقلة بركام المُتعبين والكادحين من مبدعي هذا الوطن والذي لا يكفي ألف مقال للحديث عن أقدارهم البائسة .. وهواجسهم المضنية .. وسأكتب بإذن الله عن ما يعتريهم من بلاء لاحقاً .. غير أني سأتحدث اليوم عن آفةٍ مكررة. فحين ولجتُ بهو الفندق التقيت بزميلة عمل تتوسّدُ أحد المقاعد ضاربةً بالحدث الذي لم “أتشرّف” بحضوره في عهد الرئيس السابق ولا أقول “ النظام السابق “ ولا الرئيس الحالي .. فالحقيقة تقول: أن النظام مازال كما هو إلا ما أعتبره جديداً باتجاه وزارة الماليّة التي يقبع على هرمها الأستاذ الرائع بشخصه فقط / صخر الوجيه . أعود لزميلتي وما فهمتهُ من وجهة نظرها ومللها من تكرار التصريحات الفقاعية بكل مكان يشابه ذلك المؤتمر الصحفي للجندي .. وهو ما تسبب في ضيقها واكتفائها بالخروج والجلوس بأحد المقاعد وتمضية الوقت في الإستماع لما تحمله ذاكرة الهاتف من أغانٍ تحملها حيث تريد لا حيث ما يريد من يكررون عبثهم كل يوم . وللأسف لا جديد .. فمثلما يصرخ عبده الجندي .. يردد صداه الآخرون بطريقةٍ أو بأخرى في إطلاق صواريخ الأحلام وهرطقات اللغة التي سئمناها وأصابتنا بغثيان متجدد مما تحمله من موروث متأزّم وأحلام لا تتجاوز تحقيق شيء إلا على شاكلة التغيير الذي أحدثته وزارة الثقافة بتغيير بوابتها من جهةٍ إلى جهةٍ معاكسة .. وهذا ما تحقق على الأقل حتى اللحظة لجمهور المبدعين والمثقفين . إن آفة التصريحات المتسرّعة لن تضيف لليمن سوى العناء والمزيد من الخيبات .. وإن هذه القنوات العشر تقريباً هي للمزيد من القرف والنكال بعقولنا وقلوبنا وذائقة وطنٍ يحلم بكهرباء لا تنقطع ليتفاجأ بمخرجات إعلامية قميئة من قنواتٍ مُحتَكرة لرؤوس الأموال المبهمة .. هدفها الوحيد كيف تخسر الجمهور قبل أن تكسبه ليومٍ واحدٍ على الأكثر . لم يعد ينقصنا التصريحات العنترية التي لا تؤكّل عيشاً .. ولا تجدد عهداً لإنجاز ما يسرّ .. ولا تؤتي ثمارها في تسويق واقعٍ بائس من كافة جوانبه .. لكنها للأسف تُجيد التنكيل بالخصوم وفق طريقة كل قناةٍ منهم وحسب ما يمليه عقل المخرج القابع في زاوية مجلسه العامر بالمنافقين وبائعي الأوهام . إن أجمل شيء أنتجته قناة سهيل هو الأغاني الثوريّة لا غير وبعض المقابلات الجريئة لبعض الشرفاء بهذا الوطن .. وأما إن أردت النوم سريعاً أو استحضار القرف بأسرع وقت فاستمع لنشرة الأخبار من قناة سهيل . وإن أجمل شيء أطلّت به علينا قناة اليوم هو برنامج «بحور» والذي يستضيف الشباب المبدعين في حديثٍ ثقافيّ لا علاقة له بهرطقة قناة اليوم وتسويقها للسخف الذي يتجلّى بأبشع صوره في برنامج خبابير .. لكني أضيف حسنة أخرى فقط للقناة وهو المظهر الجاد لنشرتها الإخبارية بعيداً عن أي عُمق إنساني ماعدا المظهر والأداء البهيّ للمذيعين . وأما بقية القنوات فأعتقد أن قناة شباب يمن وقناة آزال وقناة العقيق على الأقل كان بالإمكان اختصارهم بقناة واحدة تبرز إيجابية عطائها من خلال ما ألمسه من الأداء الجميل لأغلب ما ينتج عنهم . نحتاج لقناتين فقط لا أكثر .. قناة تقول الباطل لنفقه حقيقة سواد هذا البلد ومن وراءه .. وقناة تقول الحقيقة وتبرز إبداع هذا الوطن وما يحمله من موروث إنسانيّ وحضاريّ وثقافيّ .. حتى لا تتشتت أحلامنا وأوهامنا في إطار دائرةٍ أرادها لنا بعض حَمَلة التغيير المتفيّد .. والذين استغلوا كل شيء جميل وغير جميل بهذا الوطن لمصالحهم الشخصيّة لا أكثر .. مستغلين حاجة الشباب للمال المكنوز في جيوب سارقي الأحلام وبائعي الأوهام .