أحزاب ورقية جديدة سمعنا بالإعلان عنها في أكثر من بلد عربي، والغريب أن معظمها بأسماء متأثرة بمرحلة الربيع الثورية، مع أن معظمها مفرخة من الأحزاب التي كانت تحكم سابقاً. يعني باختصار: كومبارس احتيالات جديدة، ومن غير المعقول طبعاً أن كل ما مر من هزات عميقة أحدثتها هذه الثورات لم تصحُ بعد ضمير أو عقل الحاكمين السابقين كما ينبغي. في اليمن مثلاً يبقى القلق مشروعاً من أحزاب طازجة خارجة من المطابخ ومقربة من المؤتمر – يجري التحضير الواسع لها في أوساط الشباب خصوصاً وقد تم الإعلان عن عدد منها مؤخراً - أملتها مهام الثورة المضادة التي صارت تتشكل على أكثر من سياق سياسي وإعلامي، بينما المستفيد الأهم منها وبالمقام الأول هم الواقعون في فلك التوريث ليس إلا. لذلك أعتقد بأن هذه الكيانات الطارئة التي بلا رؤيا حقيقية من مسألة التوريث بالذات ستظل غبية سياسياً مهما اعتقدت بلوغها التذاكي. فالحاصل أن التوريثيين يحاولون خلق الضجيج من حولنا وخلط الأوراق؛ بهدف الوصول إلى غاياتهم، بعد أن قطعت الثورة طريقهم غير المشروع وجعلتهم يصابون بالهستيريا. على أن الوقت غير مناسب الآن إلا لإنهاء تركة علي عبدالله صالح المتجلية بشدة في هذه العائلة، وليس لإعادة بعثها تحت عديد ذرائع. يفهم ذلك جيداً قطاع واسع من الشعب، مهما بلغ الاستغلال السياسي لظروفه مثلاً أو لمقته أحزاباً قائمة، وبالطبع لن يقف الشعب متفرجاً على بلاهة حركة التوريث التي تعمل على تحديد مصير بلاده، وكأن الأمر لا يعنيه. المشكلة الأكبر لدينا أنه جرى إقحام عديد دوائر في الجيش والأمن في لعبة التوريث كما نعرف. وبما أن اليمنيين قد ضحوا كثيراً.. إلا أن العائلة - كما يبدو - لم تستوعب بعد أنهم لا يحتاجون وصايتها بقدر ما يحتاجون أن تصير إلى زوال. كذلك فإن مستقبل البلاد من المحال أن يستمر حكراً لأحلام وألعاب وتسليات هذه العائلة السادية المشينة في الاستعباد والاستحواذ والعنجهية والاستخفاف، رغم ما ارتكبته من إفساد وسوء وعبث بحال البلاد والعباد على مدى سنين عجاف من الحكم كانت رغداً لها حتى صارت عائلة سمينة لا تشبع مصابة بالشراهة فقط. لقد صارعت هذه العائلة ببجاحة بالغة من أجل الحصانة فيما منحت لها؛ كي لا تستمر كشوكة في حلق الوطن، مثلما هو حاصل الآن، مع أن ذمتها المالية والسياسية غير سليمة أبداً.. ومع ذلك لاتزال تكابر وتناور وتغالط ولا تأبه على الإطلاق.