الحوار الوطني ليس عضوا في ‘لجنة الحوار' وتحضيريته. ولجانه المتعددة الجيوب والرؤى الضبابية والمشاريع.هذا ما تبدو تلويحاته في الأفق السياسي اليمني الملبد بغبار الالتباس والتناقض فما بين التفاوض والحوار في الخارج.مسافات وبين التفارب من اجل خدمة أولويات سياسية وطنية يتلمسها المواطن فيبتهج سريعا.صحيح أن نذر الفساد والتوريث وشرعنة الحرب والقاعدة والحِّرب بكسر الحاء. قد غدت أمراً أقل تأثيرا من ذي قبل لكن سطوة الظلال التي تحكم عن بعد ما يزال ترجيح حضورها هو الأجدى بحسابات السياسة والديبلوماسيات والأوراق الإقليمية لعدد من اللاعبين إذ بسبب من كل ذلك صار واقعا يوميا نعيشه اليوم أشبه بسريالية العبث السياسي واللامعقول التي قل نظيرها ربما.. حتى في الصومال.فواقع ما كنا نعتقد أنه بات من الماضي ما زال مهيمنا تقود نتائجه سمات ومعطيات تناقضاته التراجيدية كنتاج طبيعي لمن هم سبب غياب أي مسئولية فيه أو محاسبة: اللجنة التي هي المُشكلة بالدرجة الأولى لأنها بلا رؤية أو استراتيجية وأجندة واضحة حتى اللحظة. اللجنة المُشكلة مِن مُختلف القوى السياسية «وأحلافها» في الجهتين. ممن كانوا بالأمس معارضة مفرخة داخل بنية النظام وغدوا اليوم شركاء في تقاسم السلطة والمُباركة بقانون. وإلى جانب أحلاف سياسية متمثلة في «اللقاء المشترك» حسب أولوية قانون الأحزاب اليمني الذي استدعته في أوائل التسعينات الضرورة الوطنية لالتئام الحالة السيادية لبلد بشطر ين«التئما» على أساس« اللحمة» وليس من ‘اللؤم السياسي' الذي حاق ويحيق بطبيعة المشهد والمستقبل اليمني ويحيل مصيره إلى المجهول في طول وعرض البلاد.مالم يوضع في الإعتبار تضحيات الشعب في الثورة وتحقيق أهدافها بالتناغم مع التسوية.فمنذ أكثر من 20 حولا أحال «النظام السياسي» والذي أعني به هنا من جانب منهجي مجموع القوى السياسية وليس فحسب نظام الحاكم بالفوضى أحال حياة المواطن إلى جحيم ومعاناة لتتصدر أولويات السياسيين اليوم على أولويات الشعب؟! غير أنه وما لم يتم تدارك خيوط إخطبوط الفوضى المتمثلة في حالة الاختلال السياسية والاجتماعية التي يعيشها الواقع اليمني المنفلت اليوم قد يتم تحويل البلاد والعباد والثروة بالفساد من خلالها: إلى حالة من رماد الهشيم وتنمية التناقضات في واقع الحكم الذي بقي عازلا بذلك وبقصدية سياسية شمولية في إبقاء الوضع كما هو عليه من البناء على أساس التراكم الكمي السلبي ومغيبا فعل «الثورة ع الفساد» كما تغني الفنانة المصرية فايزة كمال في أغنيتها الشهيرة؟! الحالة السياسية الأولى حتى ما قبل الحرب السياسية الصادرة طبعتها في صيف العام 1994م قد أنتجتها دستورية ومشروعية بلد كان بلدان منقسماً طبيعيا لينقسم بعد ذاك إلى ما يشي بمؤشر خطير للتقسيم سياسي وتجزيء رمزي مثلما هو يتشكل اليوم كمعطى في ثقافة متذمرة في محافظات جنوبية تجاهر بتمردها السلمي حينا وحينا بشكل يتبدى من خلاله ردة فعل عنيفة على فعل أعنف يكون سبقهاجراء صناعة الصراع عبر تحالفات غدت اليوم بجيوبها مكشوفة ؟!.وهكذا فالخشية من عواقب لا يبالي بها كما يبدو من ألف تكريس اللامبالاة كديدن سياسي شمولي الطابع مثلما بقي يحكم بالاستبداد علاقته بأفراد مجتمعه من مواطنيه. وتبدو مؤشرات السطح السياسي للأحداث جنوبا مثلا أنها ستطال جغرافيا من نوع آخر لترسم إحالات لحياكة صورة لظلال شرسة قد تجاوز في مستواها تلك الحروب الملعونة التي أرخ لها السفير اللواء عبد الولي الشميري في كتاب واصفا زمنها ب«ألف ساعة حرب» غير أن ما اتضح فيما بعد على الواقع اليمني والتمثلات أبان أنها كانت ‘ألف ساعة نهب' للجنوب وشعبه أرضا وقدرات ومقدرات من قبل بعض القوى والرجعيات والمشيخات بتحالفات غذتها وتغذيها النفطنة بعوامل متاخمة جيوسياسيا. ولعل تلك الحالة السياسية التي وازنتها خيارات طرفي ‘اتفاق الوحدة' قد أفرزتها مرحلة مفصلية كان يمكن أن تبقى فارقة في التاريخ السياسي اليمني ووجدان ذاكرته الثقافية. لأن الآمال كانت معقودة على رهانات تحسين وضع وواقع ومعيشة وحياة الإنسان اليمني وتحوله الحضاري الفاعل على الواقع ومعطياته وتميزه على صعيد الحقوق والحريات والسلم الاجتماعي وعلى أساس افتراض أن ‘وحدة وطنية' قد تمت ومن ثم على أساس من افتراض اقترانها منذ أكثر من عشرين عاما بتعددية سياسية كشأن ديمقراطي طبيعي - لا يقبل بل ويستحيل التراجع - عنه حسب منطق تصريحات السياسيين من أصحاب القرار وتمنطقهم.بخطاب ما قبل ثورة فبراير 2011م وبخاصة منهم من لا يزالون متشبثين ب «دستور دولة الوحدة» على أساس من فرضية وجودية للتوحد بالرغم من كل الإرهاصات الحاصلة والغضب وسعار السياسات الخاطئة واستكلابها الذي شب ويشب نارا في جهات كثيرة. فأذكى ويذكي حراكا هنا وأوارا هناك لمواقد نار وأثافي قد لا يستطيع أي طرف أو حوار سياسي إخمادها وإطفاء نارها التي بدأت وستزداد في طغيانها سعيرا بارتفاع جنوني ولا معقول لأسعار المواد الأساسية التي تمثل مصيرا وأولوية لأفراد المجتمع في العيش فكيف ستئول إليه حياة الناس المعيشية فيما يحشد التجار السياسيون لوضع تشريعات بقوة وسلطة علاقاتهم لابتزاز الشعب ومحاربته في قوت يومه وتهديد كل أمل لطمأنينة أمنه النفسي؟!. إلى ذلك مالم يتم الإصغاء في وضع القضية الجنوبية وقضية صعدة في أولويات التوافق على فكرة الدولة المدنية الديمقراطية وعدالة الحقوق والحريات فستتعمق الفجوات وتذهب بإتجاه الإنفلات وهذا مستبعد بالطبع لأنه في حال الإنفلات حتى لو استنجد أصحاب القرار في اليمن بالدفاع المدني العالمي. لإطفاء ما قد يلوح في أفق التناقضات السياسية من حرائق هذا في حال لم يتم الحوار الوطني على أساس التوافق على فكرة الدولة وما لم توضع أسس حقيقية ووطنية اليوم قبل الغد للحوار الوطني بحيث يستوعب كل اليمنيين دون تمييز تحت مظلة الحوار فيما سيأتي مالم فسيكون البديل غير مستحب وهذا مالا يحبذه كل إنسان طبيعي .عدا ذلك فلن يجد الجميع من ينجده من أحد سوى الهاوية التي قد تبيح في سياقها القتل بالهوية في ظل شيوع نزعات مريضة ومستوردة غدا بضوئها السياسي يقلد صناعتها وطنيا. وبخاصة عندما تتكاثف الحجارة المشتعلة من حولك وتنسج العناكب خيوطها كما لو كنت حشرة لا بشرا له كرامته ومواطنيته وحق السيادة بطمأنينة العيش والتعايش على أرضه. وبعد أن غدا السياسيون أو بعضهم يتجاهلون جوهر المشكلة وأولويات الشعب الأساسية.ناظرين إليه فحسب كمشروعية ومطية لحفنة منهم في الجهتين. وحتى لقد غدا الشعب ضحية بفعلهم وحماقاتهم السياسية اللامبالية بحجم ما يدور على الواقع. مؤثرين وناظرين إلى أحوال الحصص كأمر أكثر جدوى من أولويات وطنية اكبر وغير مدركين ربما أنه سيضاف إلى عوامل اللامبالاة نوعا من ألفة التعاطي بالمنجنيق في الحوار من قبل الطرف الآخرأو أطراف بعينها إذا لم توضح أسس حقيقية بمعايير مؤنسنة تخدم كل الأطراف تحت مظلة الهوية الوطنية الجامعة بمعزل عن الهوية الضيقة بوهم المشاريع السياسية الصغيرة. ولعل ذلك من وجهة نظر سياسية كما يتبدى لدى أحلاف شتى أكثر سهولة ويسرا من ألعاب نارية غدت في متناول الأطفال أمرا اعتياديا وبالرغم من أن تلك الألعاب المرخصة في مخازن النخاس السياسي أو التاجر الشريك والحليف أو الذيل وشاكي السلاح سيان هي الأخرى بنظر مصالحهم الضيقة في التربح غدت تحيل أعراس الناس في اليمن كل يوم غالبا إلى مآتم مستمرة الندب وأشبه بحوادث سير لا يتوافر من خلالها أدنى مستوى أخلاقي ل ‘ضمان السلامة للمجتمع وصون كرامة وآدمية المواطنين تحت ظلال الدولة المدنية اللامركزية المرتقبة'؟!