حين تنصت إلى الهمس المتبادل بين الناس حول الآتراس “ أهلاوي” هنا فإن خيالك المحشو بالروايات يأخذك إلى جو الأساطير و الجماعات الدينية السرية الضاربة في عمق التاريخ منذ القدم , و حين يسعفك الحظ و تجلس إلى صديق ينتمي إلى هذه الرابطة فإنه يأخذك قسراً إلى عالم فنتازي مزيناً حديثه ببهارات التشويق في لهجته المصرية الصرفة عن القوة و البطولات و التأثير فيصور لك الالتراس كقوة أخلاقية ضاربة جذورها في قلب المجتمع يجمعها الإخاء والتكامل و التعاون والتكافل و يشدها إلى بعضها شيء واحد من مختلف أطياف المجتمع و هو حب النادي الذي تنتمي إليه. أصبح حديث الناس حول الألتراس شائعاً جداً في الآونة الأخيرة و خصوصاً بعد الحادثة المروعة التي ذهب ضحيتها أكثر من 73 شخصاً في ستاد بور سعيد , والتي يجمع الكثيرون على أنها لم تكن حادثة عرضية ولا أحداث شغب عادية كتلك التي تحدث عادة بين الجمهور في مباراة كرة القدم و لكنها جريمة محاكة بعناية و أمر دبر بليل من قبل من يتربعون على سدة الحكم الآن الغرض منها توجيه صفعة مؤلمة للآلتراس بداعي الإنتقام والترويع كردة فعل لمواقفهم تجاه الثورة . الألتراس الأهلاوي يعلن عن اعتصامه بشكل فعلي في , هكذا بادرني صديقي الشاب بالحديث و هو في قمة الحماسة , و ينصب خمسين خيمة خلف مجلس الشعب مكملاً حديثه . و أتصنعُ انا الإهتمام للأمر خصوصاً أنني لم أكن أنظر إليهم إلا كمجموعة من الشباب المشجع للنادي الذي ينتمي إليه بشكل مبالغ فيه لا أكثر, و سألت صديقي و ما الذي يعنيه هذا الإعتصام برأيك أو ماالذي قد يؤدي إليه ؟ و بدأ شلال الحماس يسترسل من فم الشاب العشريني ليسرد لي الكثير مما كنت أعرف و مما لا اعرفه عن الألتراس ما شدني للموضوع هو إيمان صديقي بأن “ الألتراس اهلاوي كما يطلق عليه الجميع هنا » قوة ضاربة وليس مجرد رابطة مشجعين لأقوى الاندية المصرية وأكثرها شعبية بل إن الأمر يتعدى في نظره حد وصفهم بأنهم أقوى المجموعات المنظمة و القادرة بشكل متناهٍ على فعل أي شيء بل حتى أقوى من أكثر الأحزاب تنظيماً و لديهم القدرة على تنظيم مسيرات محتشده في أي لحظة و بدعوة واحدة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والاتصالات حسب قوله وهم ليسوا كل جماهير النادي و لكنهم نخبة مميزة منهم يمتلكون رؤية تشجيعية ثورية خاصة وهم بالفعل من بدأوا في إحداث التغييرات التي حصلت في مصر في السنة الماضية و شاركوا في تهيئة الأجواء للثورة فمن المعلوم أن الالتراس ليس على علاقة جيدة بالأنظمة خاصة الأمن “ الكلام لازال لصديقي” وهذا بعكس ما كان مشهوراً بأن النادي الأهلي هو ناد النظام فالعلاقة متوترة بينهم و بين الداخلية منذ مدة ليست بالقصيرة , وكانت المذبحة التي حصلت في ستاد النادي المصري ببور سعيد الصفعة الاقوى التي تلقتها الرابطة دون سابق إنذار و التي قرأ فيها الكثير من المحللين انها موجهة بعناية وبأسلوب انتقامي من الآلتراس الثائر بغرض التأديب . اعتصام الالتراس المستمر حتى الآن أمام مجلس الشعب و إطلاق الألعاب النارية المصاحبة بالشعارات المنددة بالمجلس العسكري و المطالبه بالقصاص العادل ممن ارتكبوا أو شاركوا في مذبحة بورسعيد و تطهير وزارة الداخلية و تجميد أي نشاطات كروية لحين الانتهاء من القصاص للشهداء هي اهم مطالبهم وليس شهداء بور سعيد فقط و انما شهداء الثورة , من اللافت للنظر ان المعتصمين علقوا لوحة على البوابة “ ممنوع الوقوف أو التحدث إلينا منعاً للاحراج” كما أنهم وضعوا حداً لموعد تواجد العنصر النسائي في الساعة الثامنة بعدها يمنع تواجد الفتيات في الاعتصام كما يصرون على سلمية اعتصامهم و تصميمهم على تحقيق مطالبهم بذات السلمية و سيمنعوا اي محاولة لتشوية هذا الإعتصام السلمي على حد تعبيرهم . كم أنهم يطالبون بعدم استحواذ الأغلبية البرلمانية على تشكيل الدستور و يطالبون بأن يتم تشكيله من جميع أطياف المجتمع و يوجهون الهتافات الى اعضاء البرلمان تعريضا بسكوت النواب و تجاهلهم للاعتصام الممتد من بداية الاسبوع حتى الآن. للمعرفة و لمن ليس لديه فكرة عما يسمى في الآلتراس و يتساءل عن ماهية الآلتراس أو من أين أتى هذا المصطلح الذي أصبح ظاهرة عالمية شائعة ضمن التجمعات التشجيعية في كل بلد تقريباً كلمة الترا لاتينية الاصل و تعني فوق الطبيعي و أصبحت ملحقاً يأتي في بداية المصطلحات العلمية عندما يراد للكلمة ان تحمل معنى اكثر من الطبيعي. و هم مجموعة تشجيعية تحرص على تشجيع الفريق أو الكيان الذى تتبعه والتنقل معه أينما حل وارتحل، عن طريق شعارات وأغانٍ وألوانٍ خاصة بها. وتقوم فلسفة الإلترا على التشجيع المجنون للفريق والذي يقترب من درجة التعصب، ولكنها تعمل بالمقابل على إعطاء مثال في الروح الرياضية، حيث تشجع بدون كلمات نابية و بدون سب و شتم، وبدون استفزاز الخصم وتعَّدت مجرد الانتماء لناد و تشجيعه في السراء والضراء إلى ما هو أبعد وأعمق من ذلك، يجمعهم الحب والإحساس للمجموعة وولاء كل منهم لناديهم والأكثر من ذلك انتماؤهم لفئة و كلمة أعم و أشمل - الألتراس – والتي يعدونها إحدي نماذج الانتماء والولاء والعمل الجاد من أجل تحقيق النجاح كانت بداية أول الترا ظهرت في ستينيات القرن الماضي في ايطاليا كمجموعة تتبنى ثقافة التشجيع لفريق معين كانت بدايتها عمالية تتبنى مطالب سياسية في ذلك الوقت وتأخذ من الملاعب مكاناً للاجتماعات وتشجيع فريقها في نفس الوقت وانتشرت الظاهرة سريعا في نهاية السبعينيات في الكثير من المدن الايطالية أشهرها أو أولها مجموعة رانجرز ولهم ثلاثة شروط رئيسية حتى تدخل ضمن هذا المسمى وحتى يتم اعتماد اي إنسان كعضو فاعل فيها : الاغاني الخاصة و التشجيع المتواصل طوال فترة المباراة بغض النظر عن نتيجتها، الإنتقال مع الفريق في كل المباريات حاملاً الشعار الخاص بالفريق والذي يعتبر كبطاقة هوية و اخيرا الدخلات الاحتفالية مع الفريق لإظهار مدى قوة الفريق وجماهيره امام الخصم والأندية الأخرى ولكل الترا مؤسسوها ولجانها التي تنظم نفسها و تقسم العمل فيما بينها , بين من يختلق الأفكار وبين من يشتغل على المعلوماتية و بين من يهتم بإعداد التيفوهات و الشعارات و يشترط ان يكون التمويل ذاتياً يتكفل به أعضاء الرابطة بجمع التبرعات وعبر مشاريع أخرى كبيع بعض المنتجات والأكلات والشعارات والقمصان التي يرتديها الفريق داخل المدرجات.