أظهر استجواب المجلس النيابي للحكومة صورة حضارية بالغة الأهمية وضحت الجذور التاريخية للتجربة الديمقراطية الشوروية اليمنية التي مارسها اليمنيون منذ آلاف السنين، ولم يكن مجلس النواب في ذلك الاستجواب أكثر من رقيب على مصالح البلاد والعباد، وكان أسلوب طرح الأسئلة على الحكومة يعبر بوضوح كامل الحرص المطلق على المصالح العليا للبلاد، واستطيع القول بأن ذلك الأسلوب قد تجرد تماماً من الانتماءات الحزبية أو القبيلية وعبر النواب عن آمال الشعب ومعاناته وتطلعاته للحلول التي ينتظرها من الحكومة لإنهاء تأزيم الحياة. بالرغم من الإطالة االتي ظهر فيها مجلس النواب في استجوابه للحكومة إلا أنه بدا شديد الشعور بالمسئولية النيابية وكان النواب حصيفين في تناول النقد الذي انصب على تقرير الحكومة الذي لم يكن بالمستوى المطلوب لأنه انطلق من واقع الحكومة التي أهتمت في الفترة الماضية بالجوانب الكلامية والأعمال المثيرة أكثر من اهتمامها بالمهام التي وجدت من أجلها، بل إن مجلس النواب أكد حرصه المطلق على أهمية الوقوف إلى جانب حكومة الوفاق الوطني من أجل انجاز مهامها الوطنية الكبرى وطالبها بأن تساعد المجلس في الوقوف معها من خلال الإلتزام المطلق بتنفيذ الآلية المزمنة للمبادرة الخليجية دون تسويق أو تأخر. لقد كان واضحاً في أسئلة نواب الشعب أن الأزمة الكلية للشعب تتجسد اليوم في الإلتزام المطلق باستكمال تنفيذ المبادرة الخليجية وآليتها المزمنة، وأن من يخرج عن هذا الخط الذي اختاره اليمنيون سيكون الجميع ضده، وحاول النواب من خلال استجوابهم أن يحصلوا على أجوبة مقنعة في هذا الاتجاه ليعرف الشعب أين يكمن الخلل، إلا أن الحكومة لم تكن واضحة مثل وضوح النوايا وقد لخص رئيس مجلس النواب طلب المجلس في نقطة واحدة وهي القول الواضح والصريح والشفاف من الذي مازال معطلاً ومعيقاً لتنفيذ المبادرة وآليتها المزمنة؟ إن مسئولية الحكومة عن تنفيذ المبادرة مسئولية تنفيذية لأن بيدها الصلاحيات المطلقة لاستخدام كل الوسائل لإنهاء تلك المظاهر التي أقلقت حياة الناس، فهل ستكون الحكومة عند مستوى المسئولية لإنجاز المهام مادام الجميع معها في هذا الواجب الوطني؟ نأمل أن نرى فعلاً قوياً يحقق الخير والسعادة للمواطن بإذن الله.