يلاحظ اهتمام بعض الجهات بما أطلقت عليه برلمان الأطفال، وبالتأكيد الموضوع لم يكن وليد الساعة، فلهذا التوجه وجود في السنوات السابقة في اليمن وفي دول أخرى غير اليمن، إنما هناك أخبار تتكرر بأن انتخابات البرلمان هذا ستجري يوم الاثنين 16/4/2012 ومدة البرلمان سنتان فقط، والغرض كما يقال هو نشر التوعية بالديمقراطية في صفوف النشء، وهذه الأخبار التي تحتسبها دولتنا من منجزاتها هي التي ولدت فكرة هذا المقال. وعندما نتابع الخبر نجد أن تكوين البرلمان هذا هو عبارة عن عينة عشوائية أو بالأصح عينة صغيرة مختارة من مدارس معدودة من بين مجموعة كبيرة جدا من مدارس الجمهورية فمن كل محافظة مدرستان ومن كل مدرسة من المدرستين عينة مختارة من أسر معلومة. الأمر الذي يثير التساؤل حول ضرورة هذا البرلمان، وهل وصلنا إلى حد التشبع من برلمان الكبار لنعيد إنتاجه في برلمان الصغار؟ وبالطبع أن الأطفال البرلمانيين سيستفيدون من تجربة البرلمان الحالي سلبا وإيجابا وسيقلدونه، فهل هو جدير بالتقليد؟ وهل المعيار هذا منصف أو عادل؟ أقصد أنه إذا كان لا بد من برلمان أطفال فمن باب الإنصاف أن ننشئ برلماناً للرضَّع وبرلماناً للمراهقين وبرلماناً للشباب وبرلماناً للعجائز، وبرلماناً لمن تجاوزوا المائة سنة، ووووو ..... فما هي الميزة للأطفال من بين هذه الفئات العمرية حتى نجعل لها برلماناً فيما ننسى بقية الفئات؟ . كما أن المدارس الأخرى وهي التي تكون أكثر من 99 % من مدارس الجمهورية من حقها أن تحتج وتطالب بالمساواة بمدارس البرلمان فليس من المعقول أن نفرق بين مدارس اليمن. هذا جانب والجانب الآخر فطالما قد أنشأنا سلطة تشريعية للأطفال فإن السلطة التشريعية في حاجة ماسة لمن ينفذ قراراتها وتوصياتها، أقصد أنه لا بد من سلطة تنفيذية وأيضا سلطة قضائية لأن السلطة التشريعية لا تدير المجتمع إلى بالسلطتين التنفيذية والقضائية، فنحن إذاً بحاجة إلى رئيس جمهورية للأطفال ورئيس حكومة ووزراء ووكلاء ومدراء عموم وقائد لحرس جمهورية الأطفال وقائد لفرقتها المدرعة، وسفراء لها من الأطفال، إلى آخر الهيكل التنفيذي المدني والعسكري والدبلوماسي، ومثله في الجهاز القضائي الذي سيكون بحاجة إلى قضاة فاسدين وغير فاسدين من الأطفال ومحاكم ومترافعين من الأطفال وقضايا أطفال. كل ذلك من أجل تحقيق مبدأ المساواة ومبدأ العدالة.. اعتقد أن رؤوس الأقلام هذه كافية للكف عن هذا النشاط الذي تديره منظمات أهلية مرتبطة بخارج الوطن من حيث التمويل ومن حيث الفكرة ومن حيث السخرية، ليس لها هدف إلا الارتزاق من ضرائب الدول الخارجية، وبالتالي إلهاء المجتمع عن التفكير في البرلمان المنتهية صلاحيته والأجهزة الأخرى التي أوصلتنا إلى جمهورية مجزأة على مستوى الأحياء وعلى مستوى المحافظات.