لم تعد مشكلة الكهرباء مشكلة آنية..وبالإمكان حلها بمجرد انطفائها نتيجة لخلل فني أو ما شابه ذلك، وإنما هي مشكلة قديمة حديثة، حيث لم يتم معالجتها منذ الوهلة الأولى، ولذلك ظلت تراوح في مكانها دون أن يطرأ عليها أي جديد في هذا الأمر، نظراً لغياب الرؤى والسياسات التي كان ينبغي اتخاذها إزاء مسألة كهذه.. وإن وجدت بعض المعالجات فهي تكاد تكون بسيطة ولا ترقى إلى المستوى المطلوب الذي يلبي احتياجات الناس من هذه الخدمة. وهذا ما ضاعف من حدة المشكلة أكثر جراء عدم أخذ هذه المسألة بعين الاعتبار، وكذا عدم التعاطي معها من منطلق المسئولية الملقاة على عواتق الحكومات المتعاقبة في الدولة، والتي لم تؤخذ في الحسبان مدى التزايد أو الاحتياج الكبير لهذه الخدمة ومن سنة إلى أخرى، خاصة وأن هنالك توسعات جديدة ينبغي مواكبتها سواء كانت في إطار المدن الحضريةأو ضواحيها، ناهيك عن مناطق الأرياف والتي هي الأخرى تم ربط معظم قراها بخدمات التيار، وهذا ما ترتب عليه مضاعفات في الشبكة.. بينما لا توجد محطات إضافية لاستيعاب تلك الاحتياجات، وأمر كهذا هو ما أبقاها على ذاك الحال دون أن تكون هنالك توجهات جادة وفعالة والعمل على معالجتها وفق آليات مدروسة وضمن خطط عملية ممنهجة مستندة على رؤى وأفكار منطقية معقولة من قبل المختصين في أمور كهذه. ولكن للأسف لم يكن يؤخذ بهذه الخطط بقدر ما كانت توضع في الأدراج ولا يعطى لها أي اهتمام.. بينما كان يتم التعامل به هو خلاف ذلك، لاسيما من قبل أشخاص ليست لهم علاقة أو خبرة في هذا الشأن، ولذلك ظلت أوضاع الكهرباء بتلك الصورة العبثية التي نحن عليها اليوم دون أن تكون هناك نظرة ذات أبعاد مستقبلية لما سيترتب عليها من انعكاسات سلبية على مجمل الحياة برمتها.. وهذا لا ريب ماهو ملموس حالياً على مستوى الواقع، حيث إننا مازلنا نعاني هذه المشكلة وبمرارة كبيرة، نتيجة لعدم تعاطي المعنيين معها بالصورة المثلى التي تمكننا من تجاوزها. وباعتقادي إن المسألة كانت بحاجة إلى إرادة سياسية من قبل الجهات المسئولة بالدولة، لأنه كان بالإمكان وضع الحلول لها إبان الفترة السابقة، وذلك عن طريق استقدام محطات كهربائية كبيرة وحديثة وبمواصفات عالية كما هو معمول به في كثير من البلدان النامية، حيث إن العديد منها تعاملت مع هذه القضية وفق دراسات علمية محددة فيها الأهداف والجدوى الاقتصادية قبل كل شيء، بينما نحن ظللنا على استيراد محولات إضافية غير مجدية للعمل وكان يستحسن منذ البداية استقدام محطات كهربائية، وعلى الأقل احتياطية ومن ثم وضعها في المناطق الساحلية حتى أنه حال ما تنطفئ كهرباء مأرب الغازية يتم تشغيل المحطات الاحتياطية الموجودة في المدن الساحلية. إنما لم تكن هناك رؤية للتعاطي مع هذا الجانب، ولذلك ها نحن نعود من جديد نشكو انطفاء الكهرباء وتوقف خدماتها لساعات غير محددة وبصورة مستمرة يومياً نتيجة لضرب أبراج الكهرباء في مأرب، وهذا أمر غير مستحب ويدل على جهل وعدم احترام للدولة ومواطنيها في هذا الوطن في الوقت الذي كان يفترض من أولئك أن يكونوا إلى جانب التوجهات الجديدة، وبحيث يساعدون حكومة الوفاق كي تتجاوز المشكلات الراهنة في البلاد، وكذا تمكينها من أداء مهامها حتى تقوم بتوفير أولويات الاحتياجات للناس بكل يسر وسهولة، ولكن أعتقد بأن هنالك من يعمل على زيادة الطين بلة فوق ماهي عليه حتى يظل هذا الشعب يعيش تحت رحمة أولئك النفر من الناس الذين يقومون بمثل هذه الأعمال الخارجة عن النظام والقانون. وباعتقادي بأن عملاً كهذا لابد أن يواجه بحزم وإرادة قوية من قبل الدولة ممثلاً بمؤسساتها الأخرى، ومن ذلك المؤسسة العسكرية والأمنية والتي يقع على عاتقها حماية أمن واستقرار هذا الوطن، الذي لايزال حتى اللحظة يعاني جراحه المثخنة جراء ما يكتنفه من إشكالات عديدة على مستوى كافة مناحيه الحياتية، ناهيك عن الأضرار الكبيرة التي لحقت بالمواطنين والناجمة عن الانطفاءات المتكررة للتيار وبشكل دائم والتي أدت في نهاية المطاف إلى حرق وإتلاف الأجهزة الإلكترونية للناس بقدر أن هذا الشيء لن يكون وليد اللحظة وإنما له فترة طويلة، ومازالت الأمور كما هي دون حلحلة من الأمر.. بينما المواطن المسكين يتجرع مرارة ما يحدث.. فإذا كان الحال هكذا فهل من إعادة النظر لكل ما يحدث في هذا الواقع..؟ إذاً.. الآن كل الأمور أمام حكومة الوفاق..فهل لها أن تبدأ بخطواتها بإصلاح الأوضاع وتضرب بيد من حديد على كل من يتطاول على النظام والقانون أم أننا نظل نشكو وليس هناك من يجيب بينما الشكوى لغير الله مذلة كما يقولون.. نأمل ذلك.