يواصل بشار الاسد معركته الفاشية ضد شعب سوريا للعام الثاني على التوالي ،وفي المعركة يرتكب جيش الاسد جرائم بالغة البشاعة لم يرتكبها جيش الاحتلال الفرنسي وقبله التركي لسوريا خلال النصف الاول من القرن الماضي . والغريب في الأمر ان المهتمين والمعنيين في الشأن السوري من خارجه يتابعون احداث المشهد السوري ببلاهة المتفرجين في حين تتمحور المواقف الرسمية بالمناورات السياسية المألوفة . خمسة عقود من الزمن خلت منذ وصول الانقلابي حافظ الاسد الى سدة الحكم في دمشق ، ومنها وهو ورفاقه في قيادة حزب البعث يستنزفون موارد سوريا ويصادرون حقوق ابنائها بحجة التعبئة للمعركة المرتقبة مع العدو الخارجي واضعين سوريا في صدارة المواجهة لوهم العداء الخارجي. وعندما تعرضت هضبة الجولان للاحتلال الاسرائيلي في يونيو / حزيران عام 1967م،آثر حافظ الاسد الانسحاب والتقهقر على منطق المقاومة وتحرير ترابسوريا ،ليس هذا فحسب بل ان حافظ أدار ظهره تماما لهضبة الجولان ومحتليها وركز جل اهتمامه في اذلال الشعب السوري وإعادة تفصيله على مقاس مشروع التوريث السياسي للحكم ، وفي السابع عشر من يوليو عام 2000م، وصل بشار الاسد الى سلطة الحكم وكان حافظ الاسد هو اول رئيس جمهورية في العالم يورث احد ابنائه الحكم في نظام جمهوري بعد ان تم تصفية الاخ الاكبر . ومن جانبه واصل بشار السير على منهج ابيه في الحكم ، وفي الخامس عشر من شهر مارس للعام 2011م، دشن بشار معركته ومعركة ابيه ولكن ليس مع الجيش الاسرائيلي أو العدو الخارجي كما كنا نتوهم ، بل كانت معركته مع نساء واطفال سوريا المشاركين في مواكب الشعب المطالب بحق الحياة الانسانية الكريمة . دشن بشار معركته بالقصف المدفعي والصاروخي على كل بقعة من اراضي سوريا باستثناء هضبة الجولان رغم اهميتها الاستراتيجية ، وبموجب اعلان المعركة صار كل إنسان في سوريا مهدر الدم باستثناء افراد الجيش الاسرائيلي في الجولان الذين حظوا من بشار وأبيه بقدر كبير من الرعاية والحنان لم تمنحهم اياه حتى أمهاتهم في اسرائيل . واياً كان الحال فإن جرائم بشار ليست محور اهتمامنا هنا بقدر ما يهمنا البحث عن اسرار الصمت الامريكي والتو اطؤ الاوروبي مع بشار وان كان بطريقة غير مباشرة . مع ان الادارة الامريكية والاتحاد الاوروبي كما هو عهدنا بهم يتسابقون في فرض الحصار الاقتصادي والسياسي على اي دولة نامية تمتنع حكومتها عن التوقيع أو المصادقة على اتفاقية حقوق المرأة أو اتفاقية حقوق الطفل أو الاعلان العالمي عن حقوق الانسان ، واحيانا يصل بهم زيف الادعاء الحقوقي الى مقاطعة دولة فقيرة نشر فيها خبر غير مؤكد عن اب يقوم بتعذيب ابنه أ و ابنته . وها هو نظام بشار الاكثر أبوية والاكثرهمجية في هذا العالم يقدم على قتل ثلاثة أطفال امام أمهم في ادلب لأن ابيهم اعلن انضمامه لجيش سوريا الحر ، ناهيك عن قتل مئات الاطفال والنساء في شوارع المدن السورية المختلفة . كل ذلك يحدث وانظمة العالم الحر لم تحرك ساكنا يستحق الذكر حيال ذلك. ان طبيعة المذابح التي يرتكبها نظام الاسد في سوريا جعلتنا ندرك حجم اختلال موازين العدل الدولية وازدواجية معاييره. خصوصا وان الشعب السوري عندما قرر الخروج سلميا الى الشارع كان يستند في مشروعية خروجه الى القوانين الدولية ويعول على منفذيها نصرته وحمايته ، وفي حال اجرينا مقارنة بسيطة بين نظام الاسد وشعب سوريا سنجد ان ما يقوم به الشعب السوري من احتجاجات ومسيرات سلمية حق مكفول في قوانين الشرعية الدولية، في حين ما يرتكبه نظام بشار من ممارسات وحشية ، تعد جرائم تدينها القوانين الدولية والمعاهدات الانسانية بكل صورها ، ومع ذلك فقد وجد بشار تحت سقف الاممالمتحدة ووفقا لقوانينها النازية من يحميه ، لكن الشعب السوري لم يجد في الهيئات الدولية وقوانينها ملاذا آمنا من بطش بشار . ان موقف الاممالمتحدة الراهن مما يجري في سوريا يجعلنا نعيد النظر في القرار الشجاع الذي اتخذه الرئيس الامريكي جورج بوش الابن بتدخله العسكري المباشر في العراق نهاية مارس عام2003،وبرغم مأخذنا حينها على التدخل بعيدا عن شرعية الاممالمتحدة ، الا ان احداث سوريا اليوم جعلتنا نكتشف الجانب الايجابي للخروج عن الشرعية الدولية وأبعاده الإنسانية آنذاك . بكل تأكيد الشعب السوري سينتصر على قاتليه قريبا، لكن التاريخ الانساني بلا شك سيدين المواقف الدولية الجذلى والمتخاذلة عن نصرة الانسان السوري وسيكتب في ذاكرة الاجيال القادمة ،عن دعاة الحرية في زمن فرعون دمشق وليس العكس لأن الموضوع الحقيقي هو الموقف الدولي من جرائم بشار قبل الحديث عن الجرائم ذاتها . فماذا سيفعل أساطين الحرية لفرعون دمشق الذي يقتل الاطفال ويستحيي النساء لمجرد ان الانسان السوري آمن بقيم الحرية قبل ان يأذن له بشار . [email protected]