في الوقت الذي يتجه فيه اليمنيون نحو بناء اليمن الجديد والدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون والمؤسسات الدستورية نجد الحكومة التي أنيط بها مهام التهيئة والإعداد والتحضير ووضع الأسس اللازمة لبناء الدولة المدنية الحديثة تعتمد في الموازنة العامة للدولة للعام الجاري 2012م ثلاثة عشر مليار ريال لما يسمى ب“مصلحة شؤون القبائل” أو بالأصح “مصلحة شؤون المشائخ” لأن المستفيدين من تلك المبالغ هم المشائخ وليس القبائل.. والمؤسف أن مجلس النواب يقر تلك المبالغ بل ويوصي الحكومة بإضافة خمسمائة مليون ريال ليصبح إجمالي المبلغ الذي يذهب سنوياً إلى جيوب عدد محدود من المشائخ وليس جميعهم ثلاثة عشر ملياراً ونصف المليار ريال.. وكأن النواب ممثلون للمشائخ في البرلمان وليسوا ممثلين للشعب، فهذه المبالغ لو تم صرفها على ثلاثة عشر ألف شاب من خريجي الجامعات فإن كل شاب سيحصل على مبلغ مليون ريال سيمكنه من استثمارها في مشروع صغير سيوفر له مصدر دخل طوال حياته. ومن المؤسف أنه في الوقت الذي يتجه فيه أبناء الشعب اليمني نحو بناء اليمن الجديد وإقامة الدولة المدنية الحديثة دولة النظام والقانون والمؤسسات نجد أن مجلس النواب يوصي بإضافة خمسمائة مليون ريال إلى ميزانية “مصلحة شؤون المشائخ”، والمضحك أن النائب محمد مقبل الحميري “المتحمس جداً” في أحاديثه وتصريحاته الصحفية لفكرة الدولة المدنية الحديثة المتحررة من هيمنة القبيلة ومراكز القوى المشائخية بدلاً من مطالبته بإلغاء ما يسمى ب”مصلحة شؤون القبائل” أو بالأصح “المشائخ” نجده يطالب في تصريحه لصحيفة الجمهورية ”العدد 15475” الصادر يوم السبت 21 ابريل 2012م بإعادة هيكلة المصلحة وضرورة مساواة جميع المشائخ في المبالغ التي تصرف لهم شهرياً من المصلحة. موقف النائب محمد الحميري من مصلحة شؤون القبائل “المشائخ” ذكرني بموقف مغاير لأحد أعضاء البرلمان في التسعينيات على ما أعتقد أنها الأستاذة منى باشراحيل، حيث وقفت تحت قبة البرلمان مطالبة بإلغاء مصلحة شؤون القبائل لأنها لا تقدم أية خدمة للدولة أو أي عائد وطني لخدمة الوطن وأنا مع هذا الرأي الصائب، لأنه من غير المعقول أن يتم رصد مبلغ أكثر من ثلاثة عشر مليار ريال في ميزانية الدولة ويذهب إلى جيوب عدد من المشائخ دون وجه حق، ومن غير المعقول أن يستمر هذا الوضع لأنه لا يستقيم بأي حال من الأحوال مع مبدأ الدولة المدنية الحديثة التي يتساوى في ظلها جميع أبناء الشعب في الحقوق والواجبات دون استثناء فكيف يمكن لفئة محددة من الناس دون غيرهم الحصول على مرتبات شهرية من الدولة وهم لا يقدمون شيئاً للدولة بل إنهم يشكلون عبئاً عليها..؟