( كُلنا سوريا) حملة إغاثية ، قام بها مجموعة من الشباب والشابات اليمنيات ، كجهد ذاتي ، أو في إطار مؤسسي ، لست أدري ، المهم أن الحملة كانت تهدف إلى جمع التبرعات المالية لإغاثة الشعب السوري الشقيق ، الذي يعاني ويلات القتل والخوف والتشريد .. وكعادة الشعب اليمني - الأرق قلوباً والألين أفئدة – سارع الجميع من حولي إلى التبرع بما استطاع ، والبعض فوق ما يستطيع ، تلبيةً للنداء ، وتفاعلاً مع المأساة التي تبث تفاصيلها على مدار الساعة من كل القنوات الإعلامية والمعلوماتية .. الحقيقة ومع تعاطفي مع ما يحدث للشعب السوري الشقيق ، إلا أنني أجد من المآسي داخل بلدي ما يلهيني عن التفكير في مأساة الآخرين ، ففي بلدي أجد شعباً يحتضر، أنهكته السياسات الاقتصادية ، فأوصلته إلى خيارات مريرة ، فإما الجنون ، أو التسول ، أو الاحتيال والنصب داخل الوطن ، وإما التسلل على الحدود ، والاستعاشة ببيع الكرامة تجزئة وجملة .. بلدي يزخر بالمتناقضات المضحكة المبكية ، غالبية ترزح تحت خط الفقر ، أُسر بأكملها تفترش الشوارع ، وتتخذها مسكناً لها ، تقتات من مخلفات المطاعم ، أطفال في عمر الزهور يسحقون في سوق العمل سحقاً ، وتنتهك طفولتهم عند جولات الشوارع وأرصفتها، ومآسٍ كثيرة لا حصر لها .. وفي المقابل ثلة من المتنفذين يعبثون بمقدرات وخيرات الوطن بشكل يثير العجب والحزن في آن واحد .. ولكن في بلد المتناقضات لا تعجب أن ترى العالم يحشد قواه من أجل مساعدتنا ودعمنا للنهوض والخروج من حالة التدهور والانهيارالتي نعيشها ، ونحن نحشد قوانا – على ضعفها - لمساعدة الصديق والشقيق ، ونتغافل عن مآسينا وما أكثرها .. ولعل أكثرها تراجيديا هي مأساة أبين (الجرح النازف ) التي يكتوي أهلها بنيران القتل والتشرد والنزوح والدمار ، أبين القضية التي لم توفَ حقها من الاهتمام الإعلامي ، كمأساة إنسانية ووطنية حقيقية ، بسكانها ومقاوميها ونازحيها ، ولا أجد مبرراً مقنعاً لحالة التبلد المفاجىء الذي أصاب الجمعيات والمؤسسات الخيرية تجاه مآسي هذه المحافظة البطلة ، التي تدفع وحيدةً فاتورة سوء تعاملنا مع الجماعات الإرهابية منذ زمن ليس بالقصير ، هذه الجهات الخيرية التي ما إن تنفض يديها من عدّ نقود حملة خيرية ، حتى تشرع في الأخرى ،وهم يشكرون على هذه الجهود ، ولكن متى تصل استغاثات أبناء أبين أسماعنا ؟! أم أنه ينبغي على أبين أن تصبح إدلب ليصلنا صوتها ؟!..