جج جج ج وسط زحمة السير.. وحرارة الصيف اللاّهبة, كانت دموعه تسبق خطواته الصغيرة.. وهو يخرج من بين أحد الزقاق متجهاً صوب مطعم مجاور للحارة التي يقطن فيها مع عائلته التي أرسلته لبيع (الملوج).. عند منعطف باتجاه المكان الذي يقصده توّقف قليلاً لأن جسده الصغير الذي لم يتجاوز الثمان سنوات لم يحتمل حرارة النهار التي كانت في ذروتها.. فاحتمى بظلٍ عند مدخل بوابة (المطعم).. فأسند ظهره الصغير مفترشا الأرض.. بينما بضعة (ملوجات) يرفعهن بين يديه ملوّحاً لمرتادي المطعم أن يشتروا مما جاد به مطبخ (والدته) ليبيعه ويعود إليها بثمنهن ليسدوا به جوع يومهم..!! ما يؤسف له أن تعتمد أسرة بكاملها على طفلٍ صغير.. ولا تأبه لما يواجه من مضايقات ومعاناة.. كون ذلك ينتهك حقه كطفلٍ مكانه الطبيعي مقاعد الدراسة..!! وفي كل إطلالة.. نحاول لفت انتباه المعنيين بأمر هؤلاء الأطفال.. (ضحايا العنف الاجتماعي).. وضحايا (اقتصاد متدهور) رمى بطفولتهم على هامش الحياة..وتركهم عرضة لعدّة انتهاكات.. وحسب وجهة النظر الشخصية أن أسوأ وأقسى تلك الانتهاكات هي أن يخلّف آباء وأمهات أطفالاً غير عابئين بضياع مستقبلهم..!! هنا.. وعند هذه الجزئية من السياق نبرق ومضتنا هذه المرة إلى الآباء والأمهات.. إلى كل (اثنين) قررا أن ينجبا طفلاً ليرسلاه إلى الجولات ويريقا ماء وجه طفولته وبراءته..!! وكل (اثنين) أنجبا طفلة ليرسلاها إلى (كافتيريا) تعمل بها من صبح الله معرّضين طفولتها لذئاب البشر..!! إلى المشار إليهم أعلاه: توقّفا ألف مرة.. وفكرا.. قبل أن يكون ثمرة لقائكما: (أطفالاً بلا طفولة).. يملؤون الجولات.. ويمسحون الحافلات.. يتيهون في الطرقات.. ويكتبون مآسيهم بدموع الضياع..!! وما بين فترة وأخرى.. تطلُ برأسها نداءات من منظمات عالمية عن أوضاع الطفولة المتدهورة في اليمن.. بينما المعنيون بالأمر لم يحركوا ساكناً ولم يخجلوا حتى لمرة واحدة ونشعر أنهم بدأوا بعمل ما يعيد لأطفال اليمن طفولتهم المسروقة..!! فأين ما يسمى (ببرلمان الأطفال)..؟!! ماذا عملتم للأطفال..؟؟ فانزلوا إلى شوارع اليمن لتجدوهم هناك بالملايين.. وليس تحت قبة (برلمانكم) الذي يسعى لسفرياتكم عبر العالم باسم (أطفال اليمن)..!! فأطفال اليمن الحقيقيون تائهون على وجوههم.. يبحثون عن طفولتهم المسلوبة منهم على حين غفلةٍ من زمن الذل..!! [email protected]