صرّح الرئيس الفرنسي الجديد (فرانسوا هولاند) أن له جدول أولويات, ومن أبرز أولوياته عمل مصالحة وطنية بين أبناء المجتمع الفرنسي. ولم أستغرب أن يكون هناك خلاف بين أبناء فرنسا, فالمجتمع الفرنسي رغم تقدُّمه العلمي وعراقة الديمقراطية فيه وتطوّر المفهوم الثقافي؛ حتى لتغدو فرنسا من عواصم التنوير الثقافي وشموس المعرفة الإنسانية, لايزال يعيش وسوف يعيش - كفطرة بشرية - سنّة الاختلاف والخلاف, ولاتزال ملفات سياسية واجتماعية وعرقية مفتوحة من قبل الثورة الفرنسية وما تلاها حتى الآن, ولايزال ملف سجن الباستيل واحتلال دول الشمال الأفريقي, ثم قضية (الفرانكفونية) التي حاول بعض المفكرين الفرنسيين أن يتخذوا منها ومن بعض معطياتها (جبر خاطر) لتلك الدول.. بعبارة ثانية إن ملفات فرنسية لاتزال مثار جدل بين الفرنسيين, يميناً ويساراً ووسطاً. لقد قال رئيس فرنسا الجديد أثناء مراسم استلام الرئاسة من سيد (الأليزيه) السابق (ساركوزي) إنه يطمع أن يساعده الشعب الفرنسي على تحقيق وعوده الانتخابية, وإنه يطمع أن يتحقّق الوفاق بين أبناء الشعب الفرنسي أحزاباً وأفراداً, لأنه دون وفاق حقيقي لا يمكن أن تنجز فرنسا طموحاتها.. لقد قال (هولاند) إنه سيحاول القضاء على العنصرية بكل أشكالها, وسوف يحمي الأقلّيات ويعمل على تجانس (فئوي) في المجتمع الفرنسي. فإذا كانت فرنسا صانعة الفضاء ومصدرة قانون الإخاء والمساواة والحرية وحقوق الإنسان, وصاحبة المجامع العلمية التي اكتشفت أعرق حضارة في الشرق العربي بواسطة (شامبيليون) مكتشف حجر رشيد؛ إذا كانت فرنسا من أوائل الحضارات الإنسانية في العصر الحديث محتاجة إلى المصالحة الوطنية؛ فإن الشرق العربي - واليمن ضمن أقطاره - في أمسّ الحاجة إلى المصالحة الوطنية. عبر (اللوموند) و(الاكسبرس) تُدبّج مقالات وتُنشر حوارات لما يزيد على عشرين سنة مضت؛ تدور كلها حول تعميق الوحدة الوطنية, بل إن إحدى الصحف ذكرت أن من أسباب نجاح (هولاند) هو إلحاحه على هذه القضية. والسؤال: هل يبدأ الإعلام في بلادنا - والرسمي بخاصة - بتثقيف الشعب اليمني ليفهم موضوع الحوار الذي ننتظر بدايته؟!. على أمل أن يجيب المهتمون.