لايمكن للفن الرفيع أن يرتقي إلى مثابة المعاني الرفيعة دون مقدمات فكرية ورؤى مدركة للثقافة العالمة، وهذا ما يمكن ملاحظته في رواية (جمعة) التي بسطنا الحديث حولها خلال الأيام الأربعة الماضية ونختمها اليوم بملمحين فكريين هامين اتكأ عليهما السارد الدكتور ياسين سعيد نعمان، ويتعلق الملمح الأول بالصدفة التي تبناها من خلال عدة محطات مثلت روابط سردية لكامل المنظومة السارية في تضاعيف النص، فالصدفة بحسب الفلسفة لا تعني ماهو عابر وطارئ خارج نطاق التاريخ والجغرافيا، بل إنها ترجمان آخر لحقيقة موضوعية تكمن في كامل المقدمات التي تحيلها إلى ما يتجاوز الصدفة ، وبهذا المعنى تعكس الصدفة تلك المقدمات والحقائق التي تجعل مثابة الصدفة لتكون محطة انطلاق كبرى لما سيأتي بعدها. الملمح الآخر للبعد المفاهيمي الدلالي في الرواية يقودنا إلى شكل من أشكال الواقعية السحرية. ، فيما يمكن تسميته بمعقول اللامعقول ، المقرون بالصدفة والدهشة ، كما هو الحال بالنسبة لبيت المخاوي في مدينة عدن، حيث وصل المخاوي من اللامكان ليغادر في صدفة طارئة إلى اللامكان ، وهذا ماحدث أيضاً مع السيد المداوي القابع في اللامكان ليغادر إلى مكان لاعلاقة له بذاكرة المكان السوي . وبعد ، ولأن الحيز لا يتسع لمزيد من التفاصيل ، أترك بقية الموضوع لمقاربة نقدية منفصلة في مجلة (الرافد). [email protected]